مشهد من فوق الخزان: عظة في زمن الهزائم الميمونة
مشهد من فوق الخزان: عظة في زمن “الهزائم” الميمونة
من فوق خزاننا المعتاد، حيث الهواء أنظف من نوايا بعض السياسيين، وحيث الحقائق لا تُقص بالميكروفون بل تُرى بالعين المجردة، استمعنا باندهاش مشوب بالضحك المكبوت إلى عظة دولة الرئيس الأسبق فؤاد السنيورة عبر شاشة “الحدث”، يُخبرنا فيها أن “حزب الله في حالة إنكار بعد الهزيمة الأخيرة“.
هزيمة؟ عن أي هزيمة يتحدث؟ عن تلك التي انتصر فيها الحزب رغم أنف الإعلام المعادي؟ أم عن ذلك النصر الذي يتجاهله البعض لأنهم لا يحتملون رؤية ما لا يناسب أجنداتهم؟ يا دولة الرئيس، اسمح لنا، لكن المقاومة انتصرت، سواء أعجبك ذلك أم لم يعجب شقيقك في المحور.
والأجمل من التحليل، هو أن يصدر عن صاحب العشرة مليارات الميمونة التي لا تزال ضائعة في أرشيف وزارة المالية، والتي فاحت رائحتها بعد حرب تموز 2006 كما تفوح رائحة الطحين الفاسد من بعض المساعدات “الإنمائية”.
فمن غير فؤاد السنيورة يستطيع أن يُلقي دروسًا في “الإنكار” بينما يحاضر فوق تلال من شبهات الإخفاء والتهريب المالي؟ من غيره يملك هذه الجرأة على تزييف الذاكرة، وهو شريك فعلي — أو قل مباشر — في خيانة أمانة سعد الحريري وانقلابه عليه عند أول تقاطع مصالح؟ أليس هو أول من تنصّل من تياره وركض إلى المنابر الإقليمية حاملاً خطابات “السيادة” المغلفة بالودائع السياسية؟
ثمّ يحدثونك عن الآلام…
يا دولة الرئيس، ألم ترى الشعب يتلوّى من وجع الانهيار وأنت تحاضر بالعفة المالية؟ أتحدثنا عن الإنكار، وأنت من أنكرت حق الناس في معرفة أين صرفت مليارات ما بعد الحرب؟ أتحدّثنا عن “النهج” وقد كنت الرأس الذي أدار ماكينة الاقتصاد نحو الجدار؟
والأطرف، أن من أراد نزع “سلاح الإشارة” في 2008 بحجة السيادة، لا يزال حتى اليوم يعيش على “شبكة إشارات” الدعم الخارجي، ويُرسل إشاراته إلى الخارج أكثر من الداخل.
في الختام، ومن فوق هذا الخزان الصامد، نرى الأمور على حقيقتها:
المقاومة صمدت، وانتصر مشروعها، رغم أنف كل من راهن على هزيمتها من واشنطن إلى “بيت الوسط”.
والعفة التي تتحدث عنها يا دولة الرئيس؟ نتركها لكم… إن كنتم تملكون منها شيئًا لم يُستهلك بعد.
مشهد من فوق الخزان
حيث الخيانة لا تُنسى، والنصر لا يُزوّر، والذاكرة لا تغفو