هل اقتربت إيران من دخول النادي النووي؟

تشغل إيران منشأتين رئيسيتين للتخصيب في نطنز وفوردو، وتضم هذه المواقع نحو 15,000 جهاز طرد مركزي من أجيال متعددة. وتستند بعض هذه الأجهزة إلى تصاميم باكستانية حصلت عليها طهران من شبكة عبد القدير خان، ثم طورتها لاحقاً إلى نماذج أكثر تطوراً محلياً.

يمر تحويل اليورانيوم عالي التخصيب إلى سلاح نووي بعدة مراحل. أولاً، يجب تحويل غاز UF6 إلى معدن اليورانيوم، وهي عملية تستغرق من شهر إلى ثلاثة أشهر، بحسب مدى الجهوزية التقنية. بعد ذلك، تتم مرحلة تشكيل المعدن إلى قلب نووي ذي تماثل دقيق يصلح للانشطار، وهي مرحلة معقدة تستغرق من شهرين إلى أربعة أشهر. ثم تأتي عملية تصميم نظام التفجير، حتى ولو بأبسط نماذجه (من نوع Gun-Type)، وتستغرق من ثلاثة إلى ستة أشهر لتطوير تصميم أولي يمكن تطبيقه على جميع الرؤوس. عقب ذلك، يتم تجميع القلب النووي مع نظام التفجير والمكونات الإلكترونية، وهي مرحلة قد تتطلب أربعة أشهر إضافية. وأخيراً، تأتي عملية دمج الرأس النووي ضمن وسيلة قتالية مثل صاروخ بالستي، وهي عملية قد تستغرق من ثلاثة إلى ستة أشهر.

بالتالي، فإن الفترة الإجمالية اللازمة لإنتاج 6 إلى 7 رؤوس نووية بعد الوصول إلى الكمية الكافية من اليورانيوم عالي التخصيب تتراوح بين ستة إلى اثني عشر شهراً. أما إذا كان الهدف تصنيع عدد أقل، مثل ثلاثة رؤوس نووية، فقد لا يتجاوز الإطار الزمني أربعة إلى ستة أشهر.

رغم أن إيران قامت بتفكيك بعض كاميرات المراقبة التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في منشآتها، إلا أن الوكالة لا تزال تحتفظ بحق إجراء زيارات تفتيش دورية كل أربعة إلى ستة أسابيع، كما أن مواقع تخزين غاز UF6 مراقبة بأقفال إلكترونية. إلى جانب ذلك، فإن البرنامج النووي الإيراني يخضع لرقابة استخباراتية صارمة من قبل إسرائيل والغرب، ما يعني أن أي تحرك غير اعتيادي في مخزون اليورانيوم سيُعتبر مؤشراً خطيراً يستدعي تحركاً دولياً، سواء سياسياً أو عسكرياً.

في سيناريو مفترض، إذا قامت إيران برفع التخصيب إلى 90% سراً دون علم إسرائيل والغرب، ثم تم اكتشاف الأمر بعد شهر أو شهرين، فإنها ستكون حينها ما تزال بحاجة إلى عدة أشهر قبل امتلاك سلاح نووي فعلي. مع ذلك، فإن هذا الاكتشاف قد يدفع إسرائيل، على وجه الخصوص، إلى تنفيذ ضربات عسكرية شاملة تستهدف منشآت التخصيب والبنية التحتية النووية، إضافة إلى مواقع إنتاج وتخزين الصواريخ، حتى وإن كان ذلك على حساب تلقي ردود عسكرية من الجانب الإيراني. من وجهة نظر إسرائيل، فإن منع إيران من امتلاك سلاح نووي هو أقل كلفة بكثير من التعامل مع واقع تصبح فيه إيران قوة نووية تهدد أمن الدولة العبرية ووجودها.

في ظل هذا التقدير، قد لا تنتظر إسرائيل تطور الأمور إلى مرحلة التخصيب بنسبة 90%، بل قد تباغت إيران بضربة استباقية تستهدف مخزونها من اليورانيوم ومرافق التخصيب بمجرد توافر إشارات واضحة على اقتراب طهران من “العتبة النووية”.

المصدر: الموسوعة العسكرية السورية

نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد

Back to Top