عاجل

إسرائيل تتحرك لعرقلة حصول مصر على مقاتلات “يوروفايتر تايفون” الأوروبية المزودة بصواريخ “ميتيور” وسط مخاوف أمنية إقليمية

ومع ذلك، من المستبعد أن تشمل الصفقة صواريخ “ميتيور” الأوروبية جو-جو بعيدة المدى، وهي عنصر حاسم في معارك الاشتباك خارج نطاق الرؤية (BVR)، وذلك بسبب القيود الجيوسياسية المستمرة، وعلى رأسها معارضة إسرائيل الشرسة لنقل أسلحة متقدمة إلى مصر. وهي معارضة تكررت سابقًا خلال صفقة مقاتلات “رافال” الفرنسية، والتي استُبعد منها أيضًا صاروخ “ميتيور” بطلب إسرائيلي.

لضمان "التفوق" الإسرائيلي، مصر تُمنع من الحصول على صواريخ Meteor خارج مدى الرؤية وصواريخ AMRAAM لمقاتلات رافال .. والقاهرة تتفاوض على مقاتلات تايفون وإف-15لضمان "التفوق" الإسرائيلي، مصر تُمنع من الحصول على صواريخ Meteor خارج مدى الرؤية وصواريخ AMRAAM لمقاتلات رافال .. والقاهرة تتفاوض على مقاتلات تايفون وإف-15
رافال تطلق صاروخ جو-جو “ميتيور” خارج مدى الرؤية BVR

تستند هذه المعارضة إلى مبدأ “التفوق العسكري النوعي” (QME) الذي تتبناه إسرائيل منذ عقود، وتدعمه القوى الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة. وتعتبر تل أبيب أن امتلاك مصر لصواريخ “ميتيور” يمثل تهديدًا مباشرًا لتفوقها الجوي، نظرًا لما توفره هذه المنظومة من قدرة ضرب جوية استثنائية.

وقد طُوّر صاروخ “ميتيور” من قبل شركة MBDA الأوروبية، ويعتمد على محرك نفاث (ramjet) وباحث راداري نشط، ما يمنحه مدى يتجاوز 200 كلم، وسرعة تفوق 4 ماخ، ومنطقة قتل واسعة تُعرف بـ”منطقة اللاهروب”. ودمجه على متن مقاتلات “تايفون” أو “رافال” المصرية من شأنه نظريًا أن يضع سلاح الجو المصري في موقع قادر على منازلة الطائرات الإسرائيلية المتقدمة، بما فيها مقاتلات إف-35 الشبحية، في أي سيناريو صدامي محتمل.

ورغم الجهود الدبلوماسية التي تبذلها القاهرة، بما في ذلك الضغط المتواصل على باريس وروما، فإن اللوبي الدفاعي الإسرائيلي تمكن مرارًا من عرقلة نقل صواريخ “ميتيور” إلى مصر، في تكرار لما جرى في صفقة “رافال”، حيث تم تسليم المقاتلات بدون هذه الصواريخ المتقدمة بفعل الضغط الإسرائيلي.

وبالتوازي مع التقدم في صفقة “تايفون”، تقترب القاهرة أيضًا من تحقيق اختراق في التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة. ففي عام 2022، أكد قائد القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) الجنرال فرانك ماكنزي نية واشنطن تزويد مصر بمقاتلات F-15، وهو إعلان طال انتظاره، وقد يُنهي مسعى مصريًا استمر لعقود للحصول على هذه المنصة الجوية الفتاكة.

وزارة الدفاع السعودية تقيم عروضا جوية وبحرية بمناسبة اليوم الوطني الـ93وزارة الدفاع السعودية تقيم عروضا جوية وبحرية بمناسبة اليوم الوطني الـ93
مقاتلات إف-15 تابعة لسلاح الجو السعودي. (صورة: SPA)

تُعد مقاتلة F-15، التي تطورها شركة بوينغ، من أقوى مقاتلات السيادة الجوية في العالم، لما تتمتع به من سجل قتالي مشهود، ومحركات مزدوجة، وقدرة كبيرة على حمل الذخائر. وستتيح لمصر سد فجوات حيوية في قدراتها الجوية، وتنويع أسطولها الذي يضم حاليًا مقاتلات F-16 الأميركية، ورافال الفرنسية، وميغ-29 وسو-35 الروسيتين.

لكن صفقة F-15 تواجه بدورها ضبابية جيوسياسية متزايدة، خصوصًا في ظل تصاعد التوتر في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. فعلى الرغم من أن تقارير عام 2022 تحدثت عن دعم إسرائيلي مشروط للصفقة، إلا أن التحولات الأخيرة، بما في ذلك زيادة التدقيق في المساعدات العسكرية الأميركية وارتفاع مستوى القلق الأمني الإسرائيلي، قد تؤدي إلى موجة جديدة من المعارضة.

وعلى غرار “تايفون”، قد تكون الذخائر جزءًا إشكاليًا في صفقة F-15. وأبرز المخاوف تتعلق باستبعاد صواريخ AIM-120 AMRAAM، وهي العمود الفقري للقتال الجوي بعيد المدى في الترسانة الغربية.

تؤدي كل من صواريخ ميتيور الأوروبية وAIM-120 AMRAAM الأميركية دورًا محوريًا في معارك القتال الجوي الحديثة، حيث تُعتبران حجر الأساس في عقيدة “الضربة الأولى – القتل الأول”، التي تتيح للمقاتلات إسقاط التهديدات من ما وراء مدى الرؤية البصرية (BVR). ويمتاز صاروخ “ميتيور” بمحركه النفاث (Ramjet) الذي يمنحه سرعة وقدرة مناورة مستمرة، بينما يعتمد الأمرام على محرك صاروخي تقليدي، ويتميّز بسجل قتالي مثبت في ساحات المعارك.

رغم كونها حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة وأحد أكبر متلقّي مساعداتها العسكرية، تخضع مصر تقليديًا لقيود أميركية على تصدير صواريخ الأمرام، وذلك في إطار سياسة أميركية تهدف إلى عدم الإخلال بتفوق إسرائيل العسكري النوعي (QME) في المنطقة.

ويشكّل غياب هذه الذخائر المتقدمة عقبة جوهرية أمام الاستغلال الكامل لقدرات منصات متقدمة مثل “تايفون” الأوروبية و”F-15″ الأميركية، حيث تُصبح الطائرات المصرية – دون صواريخ BVR – مقيدة تقنيًا في المواجهات طويلة المدى، ما يقلل من فرصها في البقاء والتفوق في سيناريوهات القتال الحديثة.

إذا نجحت مصر في اقتناء مقاتلات “تايفون” و”F-15″، فستُصبح الدولة العربية الوحيدة التي تشغّل طائرات قتالية متعددة المهام من فرنسا (رافال)، والولايات المتحدة (F-15/F-16)، وأوروبا (تايفون)، وهو ما يعكس توازنًا استراتيجيًا تسعى القاهرة إلى ترسيخه بين شركائها في الدفاع العالمي.

إيران تقصف جميع القواعد الأمريكية في دير الزور شرق سوريا، ومقاتلات الإف-15 الأمريكية تستعد للردإيران تقصف جميع القواعد الأمريكية في دير الزور شرق سوريا، ومقاتلات الإف-15 الأمريكية تستعد للرد
طائرة إف-15 أثناء تزودها بالوقود جوًا

دلالات جيوسياسية أوسع

تحمل هذه التحركات دلالة سياسية واستراتيجية عميقة، إذ تسعى مصر للحفاظ على استقلالية قرارها العسكري في منطقة تزداد توترًا، بدءًا من ليبيا، مرورًا بفلسطين والبحر الأحمر، وصولًا إلى التطورات في السودان. وفي ظل هذا المشهد، تظل القوة الجوية أداة الردع والردع السريع الأكثر فعالية لدى القاهرة.

كما تمثل توسعة الأسطول المصري توازنًا إقليميًا غير مباشر في مواجهة صعود النفوذ التركي، وتوسّع الحضور الإيراني في الشام والخليج. وهي أيضًا رسالة إلى الخصوم الإقليميين مفادها أن مصر لا تزال فاعلًا مركزيًا قادرًا على التأثير في موازين القوة العسكرية.

لكن، ورغم ضم منصات جوية متقدمة، فإن الحرمان من الذخائر الحاسمة كالميتيور والأمرام قد يُفقد هذه المقاتلات فعاليتها الكاملة. فغياب صواريخ الاشتباك بعيد المدى يُرغم الطائرات على خوض معارك ضمن مدى قريب، حيث تكون احتمالات النجاة أقل، وكفاءة القتل محدودة، مما يبرز الأهمية الاستراتيجية للذخيرة لا المنصة فقط.

وتعكس سياسة التصدير الانتقائي لصاروخ “ميتيور”، والتي تخضع لموافقة الدول الشريكة في شركة MBDA، مدى تعقيد الدبلوماسية الدفاعية في أوروبا. فالسعودية – رغم اهتمامها الواضح بالصاروخ ومنصاته – واجهت عرقلة ألمانية بسبب حظر تصدير الأسلحة، إلى جانب اعتراضات إسرائيلية مشابهة لتلك المفروضة على مصر.

وتبدو الوضعية المصرية أكثر هشاشة، نظرًا إلى موقعها المركزي في هندسة الأمن الإقليمي، واعتمادها الكبير على الشركاء الأجانب في تكنولوجيا التسليح المتقدم. وعلى الرغم من متانة علاقاتها مع كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، فإن القاهرة تبقى عُرضة لضغوط سياسية تمارسها جماعات ضغط إسرائيلية نافذة في الغرب.

استراتيجية تنويع الموردين العسكريين

ورغم هذه التحديات، يشهد سلاح الجو المصري إعادة هيكلة غير مسبوقة منذ الحرب الباردة. فضم مقاتلات من طراز رافال وتايفون، وربما قريبًا F-15، يعكس استراتيجية تنويع الموردين لتقليل الاعتماد على شريك واحد، وتوسيع هوامش المناورة السياسية والعسكرية في أوقات السلم والحرب.

ورغم أن هذه المقاربة تُعقد منظومات التدريب والصيانة والدعم الفني، إلا أنها تُتيح لمصر مرونة استراتيجية كبرى، وتعكس طموحًا واضحًا لتطوير قدرات صناعية محلية في الصيانة والإمداد، بالشراكة مع أطراف غربية.

لكن يبقى واضحًا أن التحديث الحقيقي لسلاح الجو المصري لن يكتمل دون امتلاك ذخائر الجيل التالي. فالميتيور والأمرام ليسا مجرد صواريخ، بل مفتاحا التفوق الجوي الحقيقي في ساحات المعارك الحديثة. وبدونهما، تبقى المقاتلات المتقدمة مُكبّلة بقيود تسليحية قديمة.

إن تزامن صفقتي “تايفون” و”F-15″ يضع مصر أمام لحظة فارقة في تطورها العسكري. فهاتان المنصتان لا تمثلان فقط قفزة تكنولوجية، بل تعكسان طموحًا استراتيجيًا عميقًا لتثبيت موقع مصر كضامن للأمن الإقليمي.

ومع ذلك، فإن استمرار حرمان القاهرة من صواريخ BVR، مثل الميتيور والأمرام، يُظهر بوضوح عمق التوازنات الجيوسياسية التي تتحكم في سوق السلاح العالمي، وخصوصًا في الشرق الأوسط. ويبقى التحدي المصري مزدوجًا: الحصول على المنصات المتقدمة، وكسر القيود على الذخائر، وهي معركة دبلوماسية وعسكرية في آن واحد، ستُحدّد شكل موازين القوى في العقود المقبلة.




نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد


طائرة مقاتلة إسرائيلية من طراز F-35Aطائرة مقاتلة إسرائيلية من طراز F-35A


Back to Top


JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2025-06-08 07:54:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
تم نشر الخبر مترجم عبر خدمة غوغل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى