باكستان تنفي صفقة طائرات J-35A الشبحية
وقد نفى وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف بشكل قاطع صحة التقارير الإقليمية والتكهنات التي تزعم أن إسلام أباد أبرمت صفقة مع الصين لاقتناء مقاتلات الجيل الخامس J-35A، وهي خطوة – إن تأكدت – من شأنها أن تُحدث تحولًا جذريًا في موازين القوى الجوية في جنوب آسيا.
وفي مقابلة متلفزة على المستوى الوطني، قلّل آصف من أهمية التقارير التي تحدثت عن توقيع اتفاق مع بكين، قائلًا: “أعتقد أن الأمر لا يتجاوز وسائل الإعلام. إنه مفيد لترويج المبيعات الدفاعية الصينية، كما تعلمون”.
“I think, it’s only in the media you know”
Khawaja Asif has denied all rumours of alleged J-35A acquisition by PAF.
Even at discounted rates,J-35 is too expensive for Pak.
A dual engined jet has a high per hour flying cost which PAF won’t be able to afford.
Poor Pakis! https://t.co/1RYrIGllC3 pic.twitter.com/pzrsVTx1Y7
— Arihant_Ray (@Ray70409890) June 26, 2025
لكن بالرغم من هذا النفي، تشير مصادر دفاعية مطلعة وتقارير متعددة إلى أن باكستان في مرحلة متقدمة من التجهيز لاستقبال المقاتلات الجديدة، مع ترجيحات بأن تصل الدفعة الأولى خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وإذا تم تنفيذ الصفقة كما هو متوقع، فستصبح باكستان أول مشغّل خارجي لطائرة J-35A، وهي منصة شبحية متقدمة طورتها شركة “شنيانغ” لصناعة الطيران التابعة لمجموعة AVIC الصينية المملوكة للدولة.
ويُقدّر عدد الطائرات المطلوبة بما يصل إلى 40 مقاتلة، في صفقة يُتوقع أن تُحدث تحولًا استراتيجيًا في بنية سلاح الجو الباكستاني، وتدخله نادي القوى الجوية القليلة التي تمتلك القدرات الشبحية.
وبحسب التقارير، يبلغ سعر الطائرة الواحدة نحو 85 مليون دولار، ما يعني أن التكلفة الإجمالية – شاملة التدريب والدعم اللوجستي والتسليح – قد تتجاوز 3.4 مليار دولار.
من ناحية العقيدة، يُعد إدخال طائرات J-35A نقلة نوعية في القدرات القتالية لسلاح الجو الباكستاني، تعزز من قدراته الردعية في مختلف ساحات المواجهة، سواء التقليدية أو غير المتماثلة.
كما تضع هذه الخطوة مزيدًا من الضغط على المخططين العسكريين في الهند، الذين قد يجدون أنفسهم في مواجهة تهديدات شبحية من الجبهتين الشرقية (الصينية) والغربية (الباكستانية) في حال نشوب صراع على جبهتين.
وتشكل هذه الطائرات جزءًا من شبكة قتالية تكاملية تضم أيضًا طائرات الإنذار المبكر الصينية KJ-500، ومنظومات الدفاع الجوي البعيدة المدى HQ-19، مما يخلق “شبكة قتل” متكاملة تجمع بين قدرات الجو والفضاء والسيبرانية في منظومة عملياتية آنية.
وصممت طائرة J-35A لتخترق الدفاعات الجوية الكثيفة، وتنفذ ضربات دقيقة، مع الحفاظ على بقائها في بيئات قتالية عالية التهديد بفضل تقنياتها الخفية في البصمة الرادارية والحرارية.
وتعتمد المقاتلة على مواد ماصة للرادار، وتصميمات هندسية مخصصة للتخفي، وحمولة داخلية للأسلحة، ما يجعلها مثالية للمهام العميقة خلف خطوط العدو حيث تكون القدرة على النجاة أولوية قصوى.
وشدد الضابط المتقاعد في سلاح الجو الباكستاني، العميد الجوي ضياء الحق شمشي، على الأبعاد الاستراتيجية للصفقة قائلاً: “من غير المرجح أن تمتلك الهند مقاتلة من الجيل الخامس في هذه الفترة، مما يمنح باكستان تفوقًا استراتيجيًا واضحًا”.
وتتردد هذه القناعة في الأوساط الاستراتيجية في إسلام أباد، حيث ترى القيادة العسكرية أن J-35A تمثل نقلة تكنولوجية يمكن أن تمنح باكستان تفوقًا نوعيًا على الهند لمدى يصل إلى 12 أو 14 عامًا.
وكان قائد سلاح الجو الباكستاني، الفريق أول زهير أحمد بابار سيدو، قد أكد في أوائل عام 2023 أن باكستان دخلت مفاوضات رسمية للحصول على المقاتلة، وقال: “أجرينا مفاوضات لتمكين اقتناء J-35A، والتي ستنضم قريبًا إلى سلاح الجو الباكستاني”.
وفي تطور أحدث، كشف مسؤول حكومي باكستاني رفيع أن تسليم المقاتلات بات وشيكًا، مشيرًا إلى أن الدفعة الأولى ستصل “في غضون الأشهر القليلة المقبلة”.
وأضاف المسؤول: “الطيارون الباكستانيون موجودون بالفعل في الصين ويتلقون تدريبًا عمليًا على قيادة وتشغيل J-35A”، في إشارة إلى وتيرة الإعداد السريعة لدمج الطائرة في عمليات القوات الجوية.
وتعد J-35A نسخة مطورة للمقاتلة التجريبية FC-31، وقد خضعت لتعديلات واسعة لتلائم العمليات متعددة المهام من قواعد برية، وتتميز بوزن إقلاع أقصى يبلغ 28 ألف كغم، وحجرتين داخليتين لصواريخ بعيدة المدى، وحجرتين جانبيتين لصواريخ قصيرة المدى.
وعلى خلاف الطائرة J-20 “التنين الجبار” المحصورة في خدمة القوات الجوية الصينية، تُعد J-35A أول مقاتلة شبحية صينية من الجيل الخامس تُطرح للتصدير.
وتشير مصادر فنية إلى أن النسخة المخصصة لسلاح الجو الباكستاني ستكون مزودة بمحرك WS-19 القادر على توليد 12 طنًا من الدفع، ما يوفر للطائرة قدرة التحليق الفائق دون الحاجة إلى تشغيل الحارق اللاحق – وهي ميزة نادرة لا تتوافر سوى في نخبة المقاتلات حول العالم.


من أبرز مميزات برنامج مقاتلة J-35A الصينية تكمن في خطط دمج صاروخ PL-17 بعيد المدى جدًا جو-جو، المعروف لدى الاستخبارات الغربية باسم PL-XX، وهو سلاح مصمم لاعتراض طائرات الإنذار المبكر والسيطرة (AEW&C)، وطائرات التزود بالوقود، وأصول الاستطلاع عالية القيمة، من مسافات تتجاوز 400 كيلومتر.
يمثل هذا الصاروخ توسعًا كبيرًا في دائرة الاشتباك الخاصة بسلاح الجو الباكستاني، إذ يسمح له باستهداف الطائرات الحيوية المعادية من خارج مدى تغطية مقاتلات العدو، بما يعزز من قدراته على شن ضربات استباقية مدمرة.
ويعتمد الصاروخ على باحث متعدد الأنماط يجمع بين الرادار النشط، والتوجيه بالأشعة تحت الحمراء، والملاحة بالأقمار الصناعية، إضافة إلى تحديثات منتصف المسار عبر وصلة بيانات، مما يمكّنه من الحفاظ على الإقفال على الهدف بدقة قاتلة حتى في بيئات الحرب الإلكترونية المعقدة.
تمكّن هذه القدرة مقاتلة J-35A من تنفيذ ضربات قاتلة دون أن ترصدها أنظمة العدو، عبر استهداف طائرات القيادة والسيطرة قبل أن تُتاح لها فرصة تنسيق استجابة المقاتلات الدفاعية – وهو أحد المرتكزات الجوهرية في فلسفة الجيل الخامس القتالية.
وفي مهام الضربات، تستطيع الطائرة حمل ذخائر موجهة بدقة، وصواريخ كروز، وأسلحة مضادة للسفن على ست نقاط تعليق خارجية، ما يمكنها من التحول بسلاسة بين مهام التفوق الجوي والهجوم متعدد المهام حسب متطلبات المعركة.
هذا التكامل التشغيلي بين طائرة شبحية وأجهزة الاستشعار ما وراء الأفق يمنح باكستان قدرة حقيقية على الضربة الأولى والسيطرة الجوية، خاصة في ظل اعتماد الهند حاليًا على منصات من الجيل الرابع والنصف مثل “رافال” و”سو-30MKI”.
وعلى الرغم من أن الهند تعمل على مشروع “AMCA” (الطائرة القتالية المتوسطة المتقدمة) ضمن مبادرة “آتمنربهار بهارات” (صنع في الهند)، فإن الطائرة الشبحية الهندية لن تدخل الخدمة – بحسب التقديرات – قبل عام 2035.
وفي هذه الفترة الفاصلة، تمنح J-35A باكستان تفوقًا نوعيًا في ميادين الحرب الإلكترونية، ودمج أجهزة الاستشعار، والقدرة على الاشتباك من مسافات بعيدة – وهي خصائص ضرورية لفرض الهيمنة الجوية في الحروب عالية الكثافة.
لكن الهند لم تقف مكتوفة الأيدي، إذ شرعت نيودلهي في تطوير أسطولها من مقاتلات “سو-30MKI” عبر تزويده برادارات AESA الحديثة، وتطوير أنظمة القيادة والتحكم، ودمج صواريخ R-37M الفرط صوتية القادرة على استهداف الأهداف عالية القيمة من أكثر من 300 كلم.
كما تستكشف الهند تقنيات رادارية مثل منظومة Container-S الروسية – وهو رادار أرضي ما وراء الأفق قادر على كشف الأهداف الشبحية باستخدام انعكاسات الموجات في طبقات الغلاف الجوي.
وفي المقابل، تشير تقارير إلى أن الصين أنشأت مؤخرًا وحدة تصدير مخصصة لمقاتلة J-35A، في خطوة تعكس طموحات بكين لتسويق الطائرة إلى دول صديقة مثل إيران، ومصر، وربما تركيا.
وإذا أصبحت باكستان أول زبون لهذه المقاتلة، فإنها بذلك تفتح الباب أمام انتشار تقنيات التخفي في مناطق النزاع، وتضيف عاملًا جديدًا إلى معادلات التهديد الإقليمي والدولي.
وبالطريقة نفسها التي أصبحت فيها مقاتلة F-35 الأمريكية مضاعف قوة لحلف الناتو وحلفائه، قد تتحول J-35A إلى منصة التخفي المحورية في دول الجنوب العالمي – وخصوصًا تلك المستبعدة من منظومات التكنولوجيا الغربية.
ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الهندو-باسيفيك، والشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، فإن دخول طائرة شبحية فعّالة وذات تكلفة تنافسية مثل J-35A إلى الميدان قد يعيد رسم موازين القوى الجوية في مناطق مشتعلة.
ورغم تصريحات خواجة آصف المتكررة بنفي صفقة J-35A، فإن وتيرة الاستعداد العملياتي، والتدريب المتقدم للطيارين، والبنية التحتية اللوجستية تشير بوضوح إلى أن دخول باكستان عصر المقاتلات الشبحية لم يعد سؤالًا متعلقًا بـ”هل”، بل بـ”متى”.
وعندما يحين ذلك الموعد، فإن مشهد التفوق الجوي في جنوب آسيا لن يعود كما كان.
مصدر الخبر
| نُشر أول مرة على: www.defense-arabic.com
| بتاريخ: 2025-06-28 00:50:00
| الكاتب: نور الدين
إدارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب أو الخبر المنشور، بل تقع المسؤولية على عاتق الناشر الأصلي