عاجل

من مفكرة القائد الأوحد: إيلي معلوف، أو كيف يرى رجلٌ العالم من فوق سطح كرسي مكتبه!

في هذا الزمن الذي تتلاطم فيه أمواج السياسة، ويعجز فيه الكبار عن حلحلة أصغر عقدة، يبرز لنا فجأة قامةٌ “شامخة” لا تكل ولا تمل من تقديم الحلول الجذرية والنهائية لكل معضلات الكون، بلبنان خصوصاً. حديثنا اليوم عن “المفكر الاستراتيجي” و”المنظّر الأول”، و”الرجل الأقوى في العالم” الذي يمتلك حزباً يفخر بكونه الأكثر انضباطاً في العالم – لأنه، ببساطة، يضم عضواً واحداً هو هو شخصياً: الأستاذ إيلي معلوف!

وبينما يتصارع قادة العالم على أبسط التفاصيل، ينشغل “قائدنا الأوحد” بصياغة بيانات تعجز عنها أكاديميات العلوم السياسية مجتمعة. ففي آخر إبداعاته، يطالب “سعادته” بأن يتم تسليم السلاح وحلّ الأجنحة العسكرية والأمنية والاستخباراتية لـ”الميليشيا الصفراء” (فليسامحنا المعلم على هذه التسمية الدقيقة التي لم تخطر على بال أحد قبله)، لا وبل، يريد “سعادته” أن يتم ذلك دون “تحصيل مكاسب دستورية ومؤسساتية”! يا للهول! كيف لم يكتشف “الفشلة” من قبله هذه المعادلة العبقرية؟ يبدو أنهم كانوا غارقين في تفاصيل “السلاح” و”الدستور” و”المؤسسات” ونسوا أن الحل يكمن في مجرد “تسليم”! بسيط كشربة ماء.

ولم يتوقف إبداع “الفيلسوف” إيلي هنا، بل تجاوز ذلك ليصحح المفاهيم اللاهوتية! فهو يطالب الجماعة المذكورة بالخروج من “عقدة أنّ الله كلّفهم”! أجل، لقد أتى إيلي ليعيد تصويب العلاقة بين السماء والأرض، مذكراً الجميع بأن “الدولة وحدها مكلّفة بوظيفة الرعاية والحماية”. يا له من اكتشاف! ألف تحية لهذا “النبي” السياسي الذي أتى ليوضح لنا أننا نعيش في دولة وأن الدولة هي المسؤولة! من كان يعلم؟

ولأن “قائدنا الهمام” لا يترك شاردة ولا واردة، انتقل بكل رشاقة من سلاح المقاومة إلى “محفظة” وزارة المالية. فـ”لم يعد جائزًا بعد اليوم حصر وزارة المال بفريق محدد وإلا فَبَاطِلًا يَتْعَبُ الْبَنَّاؤُونَ”. ويبدو أن الأستاذ إيلي قلق جداً على تعب “البنائين”، ربما لأنه أحد كبار مهندسي الدولة اللبنانية، أو على الأقل، “مهندس” بياناتها الافتراضية. يبدو أن كل خطط الإصلاح والنهوض كانت تنتظر فقط هذا “التنويه” لإعادة توزيع الحقائب الوزارية كي “لا يتعب البناؤون” دون جدوى!

في الختام، بينما يغرق العالم في تعقيداته وتفاصيله المربكة، يبقى “الأستاذ إيلي معلوف”، “أقوى رجل في العالم” و”حزبه الأكثر كفاءة” (والأقل إزعاجاً)، منارةً تضيء لنا درب الحلول السحرية، والآراء التي لا يعكر صفوها واقع أو معطيات أو حتى وجود مادي. فليستمر “البناؤون” في عملهم، وليرفعوا رؤوسهم عالياً، فلديهم الآن من يراقبهم “من فوق الخزان” – أو ربما من فوق “كرسي العرش” في مكتبه – ليذكرهم بأن الله كلّف الدولة، وأن السلاح يجب أن يُسلم، وأن المالية ليست حكراً على أحد. دمت يا “قائدنا” ودامت بياناتك التي تُثري الساحة، وإن لم تُغيّر شيئاً!

من مفكرة القائد الأوحد: إيلي معلوف، أو كيف يرى رجلٌ العالم من فوق سطح كرسي مكتبه!
من مفكرة القائد الأوحد: إيلي معلوف، أو كيف يرى رجلٌ العالم من فوق سطح كرسي مكتبه!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى