المشهد من فوق الخزّان | وضاح غير صادق: ديمقراطية الـPatek وديكتاتورية المغتربين
بقلم: محمد قاسم| في بلاد تُوزَّع فيها الوطنية بالتقسيط وتُدار السيادة حسب مزاج السفارات، خرج علينا النائب وضاح الصادق عبر برنامج “حوار مسؤول”، ليُبشّرنا بأن “النصاب لن يكون مضمونًا بعد اليوم”، وأنه “مستعد للتصعيد”، وأن “تسليم سلاح حزب الله ممكن… ولكن ليس هذه السنة”! وكأننا في موسم تسليم الفاكهة، لا في سياق صراع إقليمي مميت.
مغتربو الطوائف أم مواطنو الوطن؟
يرى الصادق أن المغتربين – باستثناء من ينتمون لطائفة الثنائي الشيعي على ما يبدو – هم “الأمل”، لأنهم “أحرار” و”ينتقمون ممن هجّرهم”. لكن سعادة النائب نسي أن تهجيرهم لم يكن حصرًا على يد “الثنائي”، بل جاء نتيجة منظومة اقتصادية – سياسية كان شريكًا بها بعض من يدّعي الآن الثورة والإصلاح.
ثم يقول: “نعطّل مجلس النواب من أجلهم”، لكنه لا يشرح لنا لماذا لا تُستكمل القوانين “الضرورية للمواطنين” إلا بشروطهم الحزبية. أم هي ديمقراطية فصّلتها Patek Philippe حسب قياسات “أهل السفارات”؟
أزمة من؟ وأين الدولة؟
يروي الصادق أن الثنائي الشيعي “ليسوا في أزمة”، لأن لديهم أموالًا وشققًا وساعات. لكنّه لم يخبرنا شيئًا عن أصدقاء الأمس من 14 آذار: أين ثرواتهم؟ من أين جاءت؟ وأين ذهبت؟ وهل امتلاك الثنائي لأموال يعفي الآخرين من الفساد أو ينزع عنهم الوطنية؟
ثم يقول إن الرئيس بري في جلسة خاصة أخبره أن “السلاح يجب أن يكون بإمرة الدولة”. هذا جميل. لكن لِمَ لم يُبادر إلى طرح صيغة توافقية وطنية تُجنّب البلاد حربًا أهلية لا يريدها أحد؟ ولماذا لا تُطرح فكرة إمرة الدولة على كل السلاح، لا على “سلاح المقاومة” فقط؟
السلاح… قبل أو بعد الإعمار؟
يدّعي الصادق أن “لا إعادة إعمار قبل تسليم السلاح”، فهل نُعيد الإعمار لتسليمه لمن؟ للعدو الإسرائيلي؟ للـ1701 الذي لم يحمِ طفلاً في عيتا ولا بيتًا في بنت جبيل؟ أم للجهات الدولية التي فشلت في حماية المدنيين في غزة والعراق واليمن وسوريا؟
إذا كان السلاح هو العقبة، فلنُسلّمه بعد أن تُسلّم إسرائيل خرائط الألغام والقنابل العنقودية، وبعد أن تعود مزارع شبعا… وبعد أن تكف السفارات عن استخدام لبنان كقاعدة صراع.
السلام… ليس مستحيلاً؟
يرى الصادق أن “السلام مع إسرائيل ليس مستحيلاً”. نعم، هو ليس مستحيلاً في الخيال، أو على مائدة براك وشينكر. أما في الواقع، فهو لا يزال مستحيلًا، ما دامت الطائرات تُخرق السيادة يوميًا، والمستوطنات تتمدّد، ومجازر غزة لم تُمحَ بعد من الذاكرة.

خلاصة المشهد من فوق الخزّان:
وضاح الصادق يريد لبنان بلا سلاح، ومجلسًا بلا نصاب، ومغتربين بلا ثنائي، وسلامًا بلا ذاكرة…
تمامًا كما يريد البعض عدالة بلا مقاومة، ووطنًا بلا هوية.
ولكن… ليس هذه السنة.