تمويل المشاريع العالمية على أعتاب طفرة بفضل الذكاء الاصطناعي والتحول الأخضر

يرجح الخبراء أن يكون العالم في منعطف حاسمً في مسار تمويل المشاريع الكبرى، حيث تتقاطع موجة الابتكار في الذكاء الاصطناعي مع الزخم المتسارع للتحول الأخضر لتعيد رسم خارطة الاستثمار.
ومع تطوّر التقنيات القادرة على تحليل المخاطر بدقة غير مسبوقة، وتعظيم كفاءة تخصيص الموارد، وتبنّي نماذج تمويل أكثر مرونة واستدامة، يجد المستثمرون والمؤسسات الدولية أنفسهم أمام طفرة وشيكة في تدفق رؤوس الأموال نحو مشاريع البنية التحتية والطاقة والتقنيات النظيفة.
وفي هذا السياق، تتكامل المبادرات الحكومية مع القطاع الخاص لتوليد بيئة تمويلية أكثر شفافية وجاذبية، الأمر الذي يضع العالم على أعتاب مرحلة جديدة يتقدّم فيها التمويل الذكي ليصبح محرّكًا رئيسًا للنمو المستدام والاقتصاد منخفض الكربون.
وتستند هذه الرؤى إلى بحث جديد أجرته شركة سي.أس.سي، استنادًا إلى إجابات 200 متخصص في تمويل المشاريع، وكشف البحث عن سوق يتجه نحو مشاريع أكثر تعقيدًا وتكلفة رأسمالية أكبر، مع اعتماد متزايد على رأس المال الخاص.
ويكشف أحدث تقرير لسي.أس.سي الذي أجرته بالتعاون مع منصة بور بروفايل، بعنوان “تمويل المشاريع عند نقطة التحول: التكيف مع الحقائق الجديدة”، عن قطاع يشهد توسعًا سريعًا في الحجم والتعقيد، مع تركيز متزايد لرأس المال على الأصول طويلة الأجل والحيوية استراتيجيًا.
وأظهر المسح الذي أوردته خدمة بزنس واير أن قطاع البنية التحتية هو الأقوى من حيث إمكانات النمو المستقبلي، حيث أشار 70 في المئة من المشاركين إلى ذلك، يليه قطاع الطاقة المتجددة بنسبة 48 في المئة، وقطاع التكنولوجيا والإعلام والاتصالات بنسبة 43 في المئة.
وفي قطاع الطاقة المتجددة، تتصدر طاقة الرياح التوقعات بنسبة 50 في المئة، بينما يسجل كل من الغاز الطبيعي المتجدد والهيدروجين الأخضر نسبة 41 في المئة، مما يعكس الزخم المتسارع لتقنيات التحول نحو الطاقة النظيفة.
على الصعيد الإقليمي، تتصدر أوروبا التوقعات العالمية، حيث يتوقع 39 في المئة من المشاركين تحقيق نمو ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وتأتي المملكة المتحدة في المركز الثاني بنسبة 35 في المئة، ثم آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 32 في المئة، وأميركا الشمالية بمقدار 31 في المئة، مما يعكس محفظة استثمارية عالمية متنوعة ومتوازنة.
ويشهد استهلاك الطاقة ارتفاعًا ملحوظًا، مدفوعًا بشكل رئيسي بمراكز البيانات الداعمة للذكاء الاصطناعي والتسريع الرقمي، ما يعيد رسم أولويات الاستثمار على مستوى العالم.
وتستعد قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والإعلام والاتصالات والنقل والبنية التحتية الاجتماعية، إلى جانب المعادن الإستراتيجية الحيوية، لتكون المحركات الأساسية لموجة النشاط التالية في تمويل المشاريع.
ويعتقد كريستيان أواكل وايت المدير العام ورئيس قسم تمويل المشاريع في سي.أس.سي أن الذكاء الاصطناعي سيحدث “طفرة غير مسبوقة” في تمويل المشاريع، خاصة فيما يتعلق بمراكز البيانات والبنية التحتية المصاحبة لها.
وقال في بيان “مع تحوُّل استخدام مراكز البيانات من خدمات السحابة التقليدية إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي، ستزداد متطلبات الحوسبة والطاقة والتمويل بشكل هائل.”
وأضاف “على عكس البنية التحتية السحابية، التي تم تمويلها غالبا من أموال شركات التكنولوجيا الكبرى، فإن الفجوة المقدرة بنحو 1.5 تريليون دولار الناتجة عن احتياجات بالذكاء الاصطناعي ستتطلب قاعدة أوسع.”
وأشار في كلامه إلى المستثمرين وهياكل تمويل متعددة-تشمل الأسهم الخاصة وصناديق الثروة السيادية والقروض المصرفية وأسواق الدين العامة والائتمان الخاص.
وتظهر مصادر التمويل تنوعًا متزايدًا، حيث يشير أكثر من نصف المشاركين في المسح (53 في المئة) إلى أن الأسهم الخاصة أصبحت المصدر الأساسي لتمويل حقوق الملكية، إلى جانب صناديق البنية التحتية ومؤسسات التمويل التنموي، بينما يرى 38 في المئة أن الائتمان الخاص يمثل مساهمًا متناميًا في هذا المجال.
الأسهم الخاصة مصدر الأساسي لتمويل حقوق الملكية، إلى جانب صناديق البنية التحتية ومؤسسات التمويل التنموي والائتمان الخاص
وعلى صعيد الديون، تتقارب أهمية الديون الخاصة بنسبة 45 في المئة مع منصات البنية التحتية بنسبة 48 في المئة، وكذلك مع القروض المشتركة المحلية بنحو 45 في المئة والدولية بواقع 42 في المئة.
وتسهم وتيرة النشاط المتسارعة في زيادة ضغوط التنفيذ، إذ يُشير 80 في المئة من المشاركين في المسح إلى أن متطلبات كي.واي.سي تمثل التحدي الأكبر، تليها الضغوط الزمنية للتمويل بنسبة 69 في المئة والامتثال التنظيمي بنسبة 67 في المئة.
وبناءً على ذلك، يولي المشاركون أهمية متزايدة للدعم التشغيلي، ويرى 60 في المئة أن الحلول التكنولوجية المبتكرة التي توفر الشفافية الفورية تُعدُّ القدرة الأكثر أهمية لدى شريك الثقة والوكالة.
في المقابل بينما يؤكد 58 في المئة على أهمية الخدمات الإدارية الشاملة والمخصصة لإدارة المعاملات المعقدة عبر الحدود وبمشاركة عدة أطراف.
ويعتقد براين غارتنبيرغ المدير العام ورئيس المبيعات العالمية في قسم تمويل المشاريع والوكالة الائتمانية بشركة سي.أس.سي أن الطلب العالمي على الطاقة الجديدة، والبنية التحتية، والطاقة الرقمية يتجاوز قدرات قنوات التمويل التقليدية.
وقال “مع دخول رأس المال الخاص لسد الفجوة، فإن صفقات اليوم تتطلب أكثر من مجرد التمويل، ويحتاج أصحاب المصلحة إلى شركاء يتمتعون بخبرة عميقة وانضباط تشغيلي لإدارة المعاملات المعقدة عبر الحدود.”
وأكد أن الاستعانة بمقدِّمي خدمات الثقة والوكالة ذوي الخبرة أصبح أمرًا أساسيًا لتنفيذ المشاريع الكبرى بسرعة وكفاءة وثقة.
The post تمويل المشاريع العالمية على أعتاب طفرة بفضل الذكاء الاصطناعي والتحول الأخضر appeared first on Lebanon Economy.

