رسوم الميكانيك والغرامات في لبنان بعد الحرب… ماذا ينتظرنا؟
في بلد أشبعت فيه الأزمات المختلفة مواطنيها تنكيلاً وصراعات يومية لمحاولة الاستمرار، تتعامل الدولة مع المواطن على قاعدة أنه “مصدر رزق”، تجبره على دفع بدل خدمات لا يحصل عليها، تستوفي منه رسوماً لقاء عبء فرضته عليه، تكبّده فاتورة مضاعفة لتقصيرها، في سرقة موصوفة لتعبه إن دلّت على شيء فعلى أن جيوب المواطنين هي الطريق الأسهل لتمويل الخزينة.
هي قصة رسوم “الميكانيك” التي لم تبدلها ظروف ولا أزمات وقد لا تبدلها الحرب الإسرائيلية الأخيرة أيضاً.
في أواخر شهر أيار (مايو) 2024 الفائت، وبعد إقفال لمدّة طويلة، أعلنت هيئة إدارة السير والآليات والمركبات – مصلحة تسجيل السيارات والآليات عن بدء استيفاء رسوم السير السنوية “الميكانيك” لدى كل مراكز شركات تحويل الأموال: OMT-WHISH MONEY-CASH PLUS-BOB FINANCE.
حينها، تهافت عدد كبير من المواطنين لدفع رسومهم، إلّا أن الرسوم هذه لم تكن هي وحدها في انتظارهم. بل فرضت الدولة عليهم أيضاً غرامات نتيجة التأخير وتراكم الرسوم، في حين أن لا ذنب للمواطن في ما فرضه عليه تقاعس الدولة في حل مشاكل “النافعة”.
لم يتوقف الأمر هنا، بل أجبرت الدولة المواطن على دفع مبلغ مليون ليرة لبنانية بدل إصدار “لاصقة إلكترونية” أو ما يعرف بالـ E-vignette، وهي تلصق على السيارات والآليات بعد استيفاء الرسوم، في حين كانت تمنح مجاناً في السابق، كما أجبر المواطن على دفع رسم طابع مالي ورسم طابع نقدي عن البدلات.
وعن هذه اللاصقة، كانت قد أوضحت هيئة إدارة السير، في بيان، أن اللاصقات الإلكترونية ملزمة بموجب المادتين 145 و 154 من القانون رقم 243 تاريخ 2012/10/22 (قانون السير الجديد)، وهي ضرورة أمنية وإثبات إضافي بتسديد رسوم السير السنوية على قاعدة بيانات الهيئة ووزارة المال.
أما بالنسبة للبدلات المالية لقاء تقديم اللاصقات الإلكترونية، فقد تم تحديدها بموجب قرار مجلس إدارة هيئة إدارة السير والآليات والمركبات رقم 214 تاريخ 2023/10/5، واستناداً إلى الرأي الاستشاري الصادر عن ديوان المحاسبة رقم 21 تاريخ 2023/9/12، بحسب البيان.
وأشارت إلى” أن هذه اللاصقات أصبحت متوافرة، وتحرص الهيئة على تسليمها إلى شركات تحويل الأموال المخولة استيفاء رسوم السير السنوية دون أي تأخير، وهي ملزَمة بدورها تسليمها للمواطنين اعتباراً من تاريخ 2024/6/7″.
اليوم، وبعد أن عاش لبنان لمدّة عام حرباً إسرائيلية شرسة أجبرت الناس على ترك بيوتهم وأرزاقهم والنزوح إلى أماكن آمنة بعيدة عن القصف، وفي ظل تدهور أوضاعهم الاقتصادية بشكل متزايد، يسأل المواطن عمّا ينتظره من رسوم وغرامات، سيّما أن بعض من سدّد رسومه لم يحصل على هذه اللاصقة الإلكترونية، والأهم أن الظروف التي عاشها البعض في الفترة الأخيرة حالت دون تأمين سقف يأويهم بالحد الأدنى، فكيف سيفكّر بدفع رسم ميكانيك؟ وهل كان الدفع متوفراً أصلاً؟
المواطن اللبناني مجبر على دفع الرسوم والغرامات بغض النظر عن ظروف الحرب التي عاشها، بحسب معقب المعاملات السابق بالنافعة الناشط شاكر طالب.
طالب الذي أكد في حديثه لـ”النهار” أنّ “من يذهب إلى النافعة لتسجيل سيارته لا يعرف كلفة تسجيلها، بل تظهر التسعيرة على الحاسوب من دون معرفة من يحددها”، لافتاً إلى أنه “بالقانون يفترض أن يكون هناك لجنة تخمين تحدّد سعر السيارة في السوق”.
يسأل طالب أين لجنة التخمين؟ وما هو المعيار الذي يحدّد كلفة تسجيل السيارة وتحديداً القديمة منها؟، ويقول “كل الأجوبة مفقودة في ظل الإدارة العشوائية”.
يؤكد طالب أن الغرامات على حالها، مشيراً إلى أنّ الكارثة في الغرامات على الوكالات القديمة إذ تخطت الـ500 دولار.
ويقول: “البعض مضى على تهجيره بسبب الحرب الإسرائيلية نحو العام ومنهم من لم يتمكن من العودة إلى حياته الطبيعية، وبعملية حسابية بسيطة، مع تأخير 4 أشهر غرامات ومضاعفة الرسم 10 أضعاف تصبح الغرامة كبيرة جداً والإعفاء منها إنجاز”.
فهل سيفاجأ المواطن اللبناني بما ينتظره من رسوم وغرامات، أم ينجو من عبء إضافي باستثناء يصدر عن وزارتي الداخلية والمال؟
النهار
The post رسوم الميكانيك والغرامات في لبنان بعد الحرب… ماذا ينتظرنا؟ appeared first on LebanonFiles.