بعد سقوط الأسد… هل يُفرج عن الغاز الأردني إلى لبنان؟
كتبت أريج عمار في الانباء الالكترونية:
أمّا وقد سقط نظام المجرم بشار الأسد في سوريا، وفُتح باب الحريّة فيها بعد سنوات من الاستبداد والقتل والدمار، في هذا الانتصار الكبير للحق الذي لا يُستثنى لبنان منه إثر المعاناة التي عاناها من هذا النظام، يُلقى على عاتق اللبنانيين والسوريين سواسية مسؤولية تلقّف هذا التغيير الإيجابي بشكل حكيم، مسؤولٍ وواعٍ خاصةً في الملف الاقتصادي الذي يتشابك فيه البلدان والذي مما لا شك في أنه سيؤثر على المنطقة بأسرها.
على وقع هذه التحوّلات، بدأ التأثير الإقتصادي يظهر أقلها في سوريا مباشرةً بعد التحرير، بحيث تحسّن سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار بالغاً 16 الف ليرة بعد أن كان قد تجاوز عتبة الـ40 ألفاً قبل سقوط النظام.
إلا أن التعافي بطبيعة الحال لن يظهر سريعاً إذ يحتاج إلى وقت كبير وإجراءات صارمة للوصول إلى الانتعاش الاقتصادي المطلوب، وفي هذا السياق يقول خبير الاقتصاد والطاقة د. عامر الشوبكي أن “سقوط نظام بشار الأسد في سوريا يمثل لحظة فارقة ستعيد رسم المشهد الاقتصادي في سوريا ودول الجوار، مع تداعيات تمتد لتشمل الأردن، العراق، تركيا، لبنان، ودول الجوار والخليج العربي”.
بين السقوط والاقتصاد
أوضح الشوبكي أن التحدي الأكبر لسوريا يكمن في تحقيق الاستقرار وسيادة القانون خلال الفترة الانتقالية. ومع ذلك، فإن إعادة الإعمار تبرز كأولوية قصوى، حيث تتطلب استثمارات ضخمة تُقدر بمئات المليارات من الدولارات. هذه العملية ستفتح المجال أمام الاستثمارات الدولية والمحلية في قطاعات البنية التحتية، الطاقة، والزراعة، ما يسهم في إنعاش الاقتصاد السوري ويتيح عودة ملايين اللاجئين إلى بلادهم.
وأشار الشوبكي إلى أن هذا التحوّل من شأنه إضعاف أو حتّى إلغاء النفوذ الإيراني في سوريا، مما يتيح للعراق وتركيا تعزيز أدوارهما الاقتصادية. العراق، على سبيل المثال، يمكن أن يصبح شريكًا رئيسيًا في تزويد سوريا بالمواد الخام والخدمات اللوجستية، بينما تركيا مرشحة للاستفادة من مشاريع إعادة الإعمار وتخفيف أعباء أزمة اللاجئين.
أما دول الخليج، فمن المتوقع أن تكون لاعبًا رئيسيًا في تمويل إعادة الإعمار، مما يعزز نفوذها الاقتصادي والسياسي في سوريا الجديدة، بينما قد يؤدي استقرار سوريا إلى تقليص التوترات الإقليمية وفتح آفاق جديدة للتعاون السياسي والاقتصادي.
لبنان وسوريا: ترابط متين
بالنسبة للبنان، فإن استقرار سوريا يحمل تأثيرات مزدوجة على اقتصاده. من جهة، يعتبر الشوبكي أن يؤدي استئناف حركة التجارة عبر الحدود إلى تنشيط الاقتصاد اللبناني، كما أن تحسين الأوضاع في سوريا قد يتيح تمرير الغاز والكهرباء من الأردن إلى لبنان، مما يخفف من أزمة الطاقة المزمنة، خاصة بعد رفع العقوبات عن الحكومة السوريّة.
من جهة أخرى، فإن خروج اليد العاملة السورية قد يُحدث تأثيرات سلبية على قطاعات تعتمد على العمالة السورية الرخيصة، مثل الزراعة والتجارة. كذلك، قد يؤدي انخفاض عدد السكان إلى تراجع الطلب على العقارات، مما يُلحق خسائر بأصحاب العقارات، لكنه في المقابل يُتيح فرصًا للبنانيين من ذوي الدخل المحدود لاستئجار المنازل بأسعار أقل.
كما يُتوقع أن يؤدي انخفاض عدد المستهلكين السوريين في لبنان إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي، مما يضر بقطاعات التجارة والاستيراد. ومع ذلك، فإن تراجع المنافسة في سوق العمل قد يُتيح فرصًا جديدة للبنانيين الباحثين عن وظائف.
إذا، سقوط نظام الأسد ليس مجرد حدث سياسي كبير، بل هو تحول أكبر قد يعيد رسم ملامح الاقتصاد الإقليمي بشكل عام، وبالنسبة للبنان والمنطقة خصوصا، فإن نجاح هذا التحول يعتمد على استغلال الفرص المتاحة لتحقيق الاستقرار والتنمية وتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول الجوار، والبقيّة على المعنيّين، هل سيتلقّفون هذا التغيير؟
The post بعد سقوط الأسد… هل يُفرج عن الغاز الأردني إلى لبنان؟ appeared first on LebanonFiles.