عاجل

الكلام عن تحريك الملف الرئاسي تمنّيات لا أكثر

وكأنّ شيئاً بالغ الأهمية قد حصل، ليستفيق الملف الرئاسي من سباته العميق بشكل مفاجئ، فسمعنا كلاماً عن إعادة إنعاش عمل اللجنة الخماسية العربية-الدولية لإنجاز الاستحقاق المغيّب منذ مدة ستبلغ العامين بعد نحو شهرين.
السفير المصري علاء موسى تحدّث عن تفعيل عمل اللجنة التي هو أحد أعضائها على المستوى الدبلوماسي، علّ وعسى تنجح الجهود بتقريب وجهات النظر، فيقطف لبنان رئيساً للجمهورية قبل الاستحقاق الرئاسي الأميركي في تشرين الثاني المقبل، ويكون بذلك قد سبق الدولة رقم واحد في العالم إلى استحقاقه.
موسى الذي أطلق شرارة تفاؤله من دار الفتوى يوم الخميس الماضي عاد ليقول إنه لا يملك تفاصيل حول المسعى الجديد ولا حول موعده. وإذا كان السفير المصري يكثر من الكلام بخلاف زملائه سفراء الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية وقطر، فإن السفير السعودي وليد البخاري يتحرّك بصمت تام، مفضّلاً عدم الكشف عن تفاصيل لقاءاته واجتماعاته الناشطة في الآونة الأخيرة.
حتى إن البطريرك بشارة بطرس الراعي الذي حمّل الأحزاب والتيارات المسيحية مسؤولية تراجع الدور المسيحي في السلطة، عبر الفراغ الرئاسي المستمر منذ تشرين الثاني 2022، أشار في آخر تصريح له إلى وجود مساعٍ حثيثة لإجراء الانتخابات الرئاسية من دون الخوض في التفاصيل.
ولكن ما الذي تغيّر لتُرمى على الملف الرئاسي مياه باردة توقظه من نومه العميق؟ وهل فعلاً سيعود الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت بين أيلول وتشرين الأول المقبل؟
المعطيات لا تشي بتغيّرات جوهرية تفرض الإستحقاق الرئاسي أولوية على ما عداه من استحقاقات صعبة، ومخاض عسير يعيشه لبنان من الجنوب إلى عكار مروراً بالضاحية الجنوبية والبقاع، فالحرب على غزة مستمرة وبها رُبط انتخاب رئيس للجمهورية، وإن كان حزب الله قد أعلن مراراً، وبلسان عدد من قيادييه، ألّا ربط بين الأمرين. ثمّ إن فرنسا تعيش أزمة حكومية راهناً بعد رفض الرئيس إيمانويل ماكرون مرشّح اليسار لتشكيل الحكومة، وذهابه نحو القول “إنه في ظل انقسام الجمعية الوطنية على ثلاثة أطراف بشكل متساوٍ سيسقط أي حكومة يتم تشكيلها”، ما يعني ارتياحاً للوضع الراهن في فرنسا، وبقاء رئيس الحكومة المستقيلة غابرييل أتّال المحسوب على ماكرون على رأس الحكومة إلى ما شاء الله، وربما حتى نهاية عهد الرئيس الفرنسي في أيار العام 2027.
أضف إلى ذلك، أن الداخل اللبناني على انقسامه، ولم يطرأ أيّ جديد على مواقف الأطراف السياسية المعنية بالانتخاب، فلا الرئيس نبيه بري وفريقه السياسي الذي يضمّ حزب الله وقوى نيابية تدور في فلكهما، قد تراجع عن الدعوة إلى الحوار كمدخل إلزامي لجلسات الإنتخاب، وهو ما سيؤكد عليه اليوم في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر، ولا فريق المعارضة قد تراجع عن رفض فرض أعراف جديدة، وهو ما سيكون واضحاً في كلمة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في خلال قداس شهداء المقاومة المسيحية غداً، من دون إغفال موقف القوى المعارضة للثنائي والذي يلتقي في جزء كبير منه في موقف القوات.
وبين موالاة ومعارضة في الداخل، يأتي الاستحقاق الرئاسي الأميركي ليُدخل كلّ الاستحقاقات الدولية في شبه غيبوبة، إلى أن ينجلي غبار المعركة الطاحنة بين المرشحَين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس في الخامس من تشرين الثاني المقبل، وفي هذا السياق، يؤكد مسؤول رسمي وحزبي أن الملف الرئاسي قد يتحرك بقوة، والانتخابات اللبنانية قد تحصل بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية أوائل تشرين الثاني مباشرة، وليس بالضرورة الانتظار حتى تسلُّم الإدارة الجديدة في كانون الثاني، لكنّ مسؤولاً قريباً من دوائر السرايا الحكومية قد نفى عبر “ليبانون فايلز”، علمه بعودة قريبة للموفد الرئاسي الفرنسي وبأي مستجد يوحي بقرب انتخاب الرئيس.

The post الكلام عن تحريك الملف الرئاسي تمنّيات لا أكثر appeared first on LebanonFiles.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى