عاجل

مصر وتركيا يروا في اعمار قطاع غزة فرصة لإنقاذ الاقتصاد من الركود

هآرتس – تسفي برئيل – 28/1/2025 مصر وتركيا يروا في اعمار قطاع غزة فرصة لإنقاذ الاقتصاد من الركود

رحلة عودة سكان غزة الى الشمال، بادارة واشراف حماس، توفر الاجابة على الاقتراح الخيالي للرئيس الامريكي، اخلاء القطاع من السكان، “لتنظيفه” كي يمكن البدء في اعادة اعماره وبنائه من جديد فيه. منطق رجل العقارات، الذي يتحدث بالمفاهيم المعروفة “الاخلاء والبناء” والتي حتى حصلت على تأييد عدد من مقربيه، لا يأخذ في الحسبان المفهوم الوطني “الصمود” – التصميم الذي ينعكس في الصمود على الارض، حتى لو كانت هذه الارض ارض محروقة ومليئة بالدمار وبقايا القذائف.

بالنسبة للمليون نازح، الخائفين والذين يشاهدون للمرة الاولى الدمار الذي خلفته الحرب، فان السؤال هو من الذي تسبب بهذا الدمار أو من هو المتهم، بل هل يمكن تشخيص في هذه الانقاض العنوان وانقاذ غرض أو دمية لطفل، وبالاساس العثور على بقايا جثث اعزائهم الذين بقوا تحت الانقاض. التقدير الحذر يتحدث عن 10 آلاف قتيل ستتم اضافتهم لـ 46 ألف قتيل تقريبا تم احصاءهم حتى الآن، وبالحذر المطلوب سيحاول ابناء عائلاتهم في الفترة القادمة انقاذهم من بين الطوب وقضبان الحديد ودفنهم بسرعة لأنه من غير المعروف كم سيستمر وقف اطلاق النار.

حسب تقرير الامم المتحدة فان حوالي 1.8 مليون مدني هم بدون مأوى، والحاجة الملحة هي توفير المأوى لهم، وتنظيم توزيع المساعدات الانسانية التي بدأت تتدفق حسب الشروط التي تم تحديدها في اتفاق وقف اطلاق النار، وربط شبكات المياه وبعد ذلك شبكة الكهرباء. حماس التي تدير الآن التنظيم وتشغل اكثر من 5 آلاف ناشط يساعدون النازحين في عودتهم، تطالب المجتمع الدولي ومنظمات الاغاثة بتوفير لشمال القطاع 135 ألف خيمة وكرفان، التي بعضها مثلما في الشجاعية تم وضعها على الارض واعدادها للسكن.

حسب تقدير الامم المتحدة فان حجم الضرر المباشر للبنى التحتية في القطاع يقدر بـ 18.5 مليار دولار. تكلفة الاخلاء لحوالي 50 طن من الانقاض قدر بـ 1.2 مليار دولار. واعادة اعمار القطاع تحتاج الى 40 مليار دولار، وهي يمكن أن تستمر حتى العام 2040 وربما أبعد من ذلك بكثير.

بيان السلطة الفلسطينية الذي بحسبه “غرفة العمليات” الحكومية التي شكلتها للمساعدة في عملية عودة سكان القطاع الى بيوتهم اصبحت جاهزة للعمل، هو بيان غريب على الاقل. لأنه ليس فقط اسرائيل تواصل معارضة أي تدخل للسلطة رسميا، بل حماس هي التي تسيطر بشكل كامل على مشروع العودة، والسلطة ربما سيكون لها مكان للعمل فقط في اطار اعادة فتح معبر رفح.

حسب التفاهمات التي تم التوصل اليها مع الولايات المتحدة ومصر فان المعبر سيعمل في اطار مشابه، لكنه ليس بالضبط مثل الذي تم وضعه حسب اتفاق المعابر الذي وقع عليه في 2005 بين اسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية في اعقاب قرار الانفصال عن غزة. “غرفة العمليات” الاكثر اهمية هي التي تمت اقامتها في مصر والتي تشارك فيها اسرائيل وامريكا وممثلون فلسطينيون وقطر من اجل التنسيق والرقابة على تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار وعلاج ترتيبات عودة سكان شمال القطاع واعادة المخطوفين واطلاق سراح السجناء الفلسطينيين ووضع قواعد لفتح معبر رفح وادارته. مهمة الغرفة الاساسية هي ازالة العقبات المحتملة قبل تنفيذ المرحلة الثانية للاتفاق، وبعد ذلك الانتقال الى المرحلة الثالثة التي ستشمل اعادة اعمار قطاع غزة. بالصيغة الضئيلة للاتفاق الذي تم نشره في اسرائيل، بدون البروتوكولات، حصلت المرحلة الثالثة على الذكر في سطر ونصف.

لكن في الوقت الذي يتركز فيه النقاش العام والسياسي في اسرائيل حول قضية استئناف الحرب المحتمل بعد انتهاء المرحلة الاولى من اعادة المخطوفين، فان اعادة اعمار القطاع هي التي تشغل مصر ودول الوساطة العربية التي يتوقع أن تمول هذا المشروع الضخم. مصر، والاردن ايضا، اوضحت اول امس بأنها تعارض اقتراح ترامب، استيعاب سكان من القطاع في اراضيها، “لفترة قصيرة أو فترة طويلة”، من اجل السماح باعادة اعمار القطاع.

مع ذلك، في مصر يذكرون بأن حلم “صفقة القرن” لترامب تشمل، ضمن امور اخرى، اعادة اعمار القطاع وبناء مطار وميناء في العريش واقامة منطقة صناعية كبيرة في شبه جزيرة سيناء، يتم تشغيل العمال الغزيين فيها، الذين سيعودون الى بيوتهم كل يوم. في مصر يعتقدون أن اقتراح ترامب الاخير، بعد شطب ترحيل الفلسطينيين منه، يدل على الاقل بأنه يعطي اهمية لاعادة اعمار القطاع، وعلى ذلك يعتمد الآن رجال اقتصاد ومقاولون ورجال اعمال من مصر.

مدير شركة بناء في مصر قال لموقع “الشرق” الاماراتي بأنه “الآن اصبح يمكن اقامة في رفح المصرية مشروع للبيوت المؤقتة، توفر السكن لآلاف سكان غزة، بعد ذلك اقامة مصانع اخرى للاسمنت ومواد البناء”. هكذا، البدء في تطبيق الفكرة التي طرحها ترامب قبل ست سنوات. مدراء شركات بناء كبيرة في مصر واصحاب مصانع لمواد البناء مثل الاسمنت والحديد والزجاج والاخشاب، ومقاولون بناء واصحاب معدات هندسية ثقيلة، يعتبرون غزة “ارض الفرص”، التي يمكن أن تنقذهم من فترة الركود الطويلة والبطالة، وهم ينتظرون بصبر تعليمات الدخول الى قطاع غزة، شريطة أن يكون هناك من يقوم بتمويل الاعمال وضمان تنفيذ الدفع.

هذه الشركات قامت بشراء معدات هندسية كثيرة عندما بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي في المبادرة الى اقامة مشاريع بناء ضخمة، منها اقامة العاصمة الادارية الجديدة. ولكن الازمة الاقتصادية الشديدة التي اوصلت مصر الى شفا الافلاس والاصلاحات الاقتصادية في اعقابها، من بينها تذبذب سعر الجنيه المصري الذي انخفضت قيمته، وقوة الشراء في مصر وارتفاع الاسعار بشكل كبير، وتقليص الدعم الحكومي للطحين والوقود، وفقدان المداخيل من قناة السويس في اعقاب هجمات الحوثيين في البحر الاحمر، والدين الوطني الكبير الذي يبلغ 168 مليار دولار – كل ذلك أدى الى تأخير، وحتى تجميد والغاء، الكثير من المشاريع. شركات البناء والبنى التحتية وجدت نفسها في اعقاب ذلك مع معدات كثيرة وقوة بشرية مهنية كبيرة، لكن بدون مشاريع توفر العمل. بعض هذه الشركات جربت العمل في غزة، بعد أن خصصت مصر في 2021، في اطار اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه عند انتهاء عملية “حارس الاسوار”، نصف مليار دولار لاعادة اعمار قطاع غزة بتنفيذ شركات مصرية.

مصر ليست الدولة الوحيدة التي تنتظر “الضوء الاخضر”. ايضا تركيا اوضحت بأنها معنية بمشاركتها في المشروع، ومثلها قطر واتحاد الامارات. دبلوماسي تركي قال أمس للصحيفة بأنهم في انقرة يدركون جيدا بأنه من اجل المشاركة في قناة الاستثمار في غزة فانه ستكون حاجة الى “تحسين العلاقات مع اسرائيل”. ربما اذا اصبح وقف اطلاق النار دائم والحرب توقفت بالفعل، فان تركيا يمكنها الاعلان عن استئناف تجارتها مع اسرائيل. اقوال بنفس الروحية قالها في الاسبوع الماضي نايل اولفاك، رئيس المجلس التركي للعلاقات الاقتصادية. اسرائيل تعارض اشراك تركيا وقطر في اعادة اعمار القطاع. ولكن لا يوجد أي تأكيد على أن هذا القرار سيكون فقط في يدها. العلاقات الوثيقة بين السعودية وتركيا، وبين قطر وتركيا، وبينها جميعا وبين الرئيس ترامب وابناء عائلته، يمكن أن تأخذ من يد اسرائيل احتكار تحديد مستقبل القطاع.


مركز الناطور للدراسات والابحاث فيسبوك

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-01-28 16:33:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى