الحكومة تريد اسكات كل نقد وتضع على بؤرة الاستهداف حقوق الانسان
هآرتس 20/2/2025، مردخاي كرمنتسر: الحكومة تريد اسكات كل نقد وتضع على بؤرة الاستهداف حقوق الانسان
مشروع القانون الذي استهدف الجمعيات التي تحصل على الدعم من دول اجنبية أو من منظمات دولية، تمت المصادقة عليه أمس بالقراءة الاولى في الكنيست. فقط عدد قليل من اعضاء المعارضة كلفوا انفسهم عناء القدوم والمعارضة. الحديث يدور عن الجمعيات التي تدافع عن المجموعات السكانية الضعيفة وحقوق الاقليات، لا سيما العرب، النساء، المثليين، العمال، سكان الضفة الغربية وما شابه. المس بهذه الجمعيات يعتبر مس بكل المجموعات السكانية التي تمثل الاغلبية الساحقة من الشعب.
الاقتراح يفرض على التبرعات ضريبة كبيرة تبلغ 80 في المئة (بدلا من صفر في المئة). ايضا يسمح للمحاكم بعدم مناقشة طلبات الجمعيات. يبدو أن هذا القانون يمكن أن ينظم نشاطات الجمعيات التي تمولها دول اجنبية، لكن عمليا الحديث يدور عن تصفيتها. أي دولة ستقوم بتبذير اموال دافع الضرائب لديها على تبرعات 80 في المئة منها تذهب للضرائب؟ وفي ظل غياب مقاربة مضمونة للمحاكم فما الذي سيساعد هذه المنظمات؟ من هو الوطني الاسرائيلي الذي يريد أن يكون عضو أو فقط يؤيد، جمعية يسمها المشرع بوصمة “عميل اجنبي”، التي تخدم مصالح دولة اجنبية؟.
هذه العملية غير مفاجئة. فقادة الانقلاب النظامي تعلموا كيفية استخدام قوة انفاذ القانون والتلاعب والكذب ونزع الشرعية. من العار على اليمين في اسرائيل، الذي كان ذات مرة ليبراليا وحول جلده الى ديكتاتورية لا حدود لها، مع ادارة الظهر للارث الذي تفاخر فيه. بدلا من الدفاع عن حقوق الانسان فانه يرفع الفأس على هذه الحقوق ويسمح بسحقها. في هذه الحالة يتم سحق حقوق من الحقوق المهمة: الحق في حرية التعبير السياسي، الحق في اقامة جمعيات والحق في المساواة. وبدلا من اعتبار حقوق الانسان ارث عالمي ويهودي، الذي تتفاخر اسرائيل بالانتماء اليه، تم الصاق بحقوق الانسان الاسم المعيب “اليسار”.
بدلا من اولوية القضاء الذي تحدث عنه بيغن بالثناء، يتم الآن الدفع قدما بقانون لا مثيل له، يحول حقوق قانونية الى حقوق مشروطة. المحاكم مخولة بتجاهل هذا القانون. وجود القانون اصبح محل تساؤل وتم استبداله بنظام مستبد. فقد تم سلب الحق في المساعدة القانونية ضد خرق القانون على يد السلطة. القانون يغمز للقاضي: عليك توفير وقتك والتخلي عن هذا الحق. وفي ظل عدم وجود قاض أو قانون، بدون خجل تتم حياكة مشروع قانون يصرخ بساسة نتنة من التمييز: منظمات اليمين تواصل الاستفادة من التبرعات الشخصية، التي هي محظورة على منظمات تدعمها دول وهيئات دولية.
هكذا يتم تشكيل اجندة اجتماعية – سياسية مشوهة. هذا رغم أن المساعدات التي تقدمها الدول هي شفافة اكثر من المساعدات الخاصة. من يقترحون القانون لا يخشون من الدعاية الكاذبة التي تقول بأن منظمات حقوق الانسان هي عميلة لدول ومنظمات اجنبية. وحتى أنها تخدم اجندة اجنبية وتضر بسيادة الدولة. الحديث يدور عن وصمة عار. هل التنظيمات التي تعمل من اجل حقوق النساء أو المثليين تخدم من يمولها، أو أنها تخدم اجندة تعكس باخلاص القيم الاساسية لدولة اسرائيل؟.
مشروع القانون يقوض الارث العالمي لحقوق الانسان، الذي ترتبط به اسرائيل بشكل خاص. الارث الحديث لحقوق الانسان الذي بدأ يتشكل بعد الحرب العالمية الاولى وتشكل بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك بدرجة كبيرة في اعقاب الكارثة وبفضل الاسهام الحاسم ليهود مثل رينيه كاسان. حسب هذا التقليد فانه يجب على كل الدول وكل الشعوب احترام حقوق الانسان. بالتالي، الاهتمام بحقوق الانسان لا يعتبر تدخل غير لائق في شؤون دولة اخرى. اسرائيل كانت في السابق تتفاخر (وما زالت احيانا) بأنها جزء من العالم الديمقراطي الليبرالي، وشريكة في قيمه العالمية التي ترتكز الى حقوق الانسان. لكن مشروع القانون، الذي هو قيد النقاش، يصور اسرائيل وكأنها تفتح جبهة ضد حقوق الانسان. الموافقة على مشروع القانون يمكن أن تتسبب بضرر كبير لحجة اسرائيل لصالح الشراكة التي تقوم على القيم مع الديمقراطيات السليمة، الامر الذي يمكن أن يضر مكانتها الدولية، والاسوأ من ذلك هو أن قاعدة قيمها ستتقوض من الاساس كدولة يهودية ديمقراطية.
بدون التزام عميق ودفاع جدي عن حقوق الانسان فان الديمقراطية ستفقد أسسها. في هذه المهمة يوجد لمنظمات حقوق الانسان دور حيوي. مناعة ديمقراطية الدولة يتم فحصها حسب نشاطات المجتمع المدني فيها. في اسرائيل التي تعاني من محاولة تحويلها الى دولة قومية متطرفة – متدينة تحكمها سلطة مستبدة، فان دفاع المجتمع المدني عن الطابع الديمقراطي – الليبرالي – العلماني والوطني الثقافي – هو خط الدفاع الاخير.
يجب النظر الى مشروع القانون على خلفية التنكيل بكل جهة في المجتمع، التي يمكن أن تكون انتقادية تجاه السلطة: المحاكم، الخدمة العامة، جهات انفاذ القانون، الاكاديميا، رجال التعليم، الاعلام، الثقافة والفن. النظام الذي ينسب لنفسه مهمة سامية يعمل بجهد لضمان أن يتم فقط قول اقوال الموافقة والثناء عليه. اسكات النقد لا يعني القضاء على الديمقراطية وحدها، بل هو يخلق الخطر الوجودي. اذا كان اساس مقارنة حالة الديمقراطية لدينا مع حالة المجر في عهد اوربان، فان اسرائيل تسير الآن نحو روسيا بوتين. وحقيقة أن المعارضة لم تسمع صوتها حتى الآن هي اشارة اخرى على ضعف الديمقراطية لدينا.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-02-20 15:00:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>