التقرير السياسي اليومي
الجمعة 9 ربيع الاول 1446
الموافق فيه 13 ايلول 2024
✍🏻لا يمكن اعتبار كل التهديدات بالحرب نوعاً من التهويل. هي تهديدات تحمل رسائل سياسية تعكس نمطاً من التفكير لدى قادة العدوّ، ومع ذلك، فإنّ التهديد والرغبة شيء، والقدرة والإمكانية شيء آخر. وهي حال العدوّ مع لبنان، حيث يجد نفسه حائراً، لا يعرف أيّ علاج يسعفه مع اقتراب مرور عام على حرب الاستنزاف التي يتعرّض لها على الجبهة اللبنانية.
📰 الكاتب في صحيفة الأخبار علي حيدر كتب يقول: كشفت التسريبات عما دار في جلسة حكومة العدو الأحد الماضي عن تقديرات وخيارات مطروحة داخل أروقة التقدير والقرار السياسي والأمني في كيان العدوّ إزاء جبهة لبنان. ومع أن هذه الآراء والمواقف تتقاطع مع ما يُعلن على ألسنة مسؤولين وبأقلام محلّلين، إلا أن ورودها ضمن جلسة للحكومة شارك فيها نائب رئيس الأركان اللواء أمير برعام، يساهم في تشكيل صورة وضع أدقّ لما هو متشكّل في وعي الجهات المختصة في الكيان، يمكن الاستناد إليها في استشراف الخيارات الإسرائيلية.حسم برعام، خلال عرضه لتقدير المؤسسة العسكرية أمام وزراء الحكومة، فشل الرهانات الإسرائيلية حتى الآن على دفع حزب الله الى فصل الجبهات، مؤكداً أن جبهة لبنان لن تتوقف ما دامت الحرب في غزة مستمرة. وفي الموازاة، أكد أن الحزب غير معنيٍّ بحرب واسعة مع إسرائيل. والأمران يؤكدهما الحزب بأدائه ومواقفه. لكنّ الأهم هو حضور هذه المفاهيم الى جانب بعضها البعض ضمن دائرة اعتبارات المنظومة الأمنية وفي حسابات المؤسسة العسكرية والاستخبارية. يعني ذلك أيضاً
تفرض هذه المعادلة المركبة (عدم وقف العمليات على جبهة لبنان ما دامت الحرب مستمرة في غزة، وحرص حزب الله على مواصلة عملياته تحت سقف الحرب)، على مؤسسة القرار الإسرائيلي، مروحة تحدّيات تتّصل بالخيار المضادّ والناجع، مع تقدير المخاطر والفرص لأيّ خيار.
فما أورده الجيش في جلسة الحكومة يعني أن إسرائيل أمام خيارين: وقف الحرب على غزة، أو التكيّف مع استمرار جبهات الإسناد ومن ضمنها لبنان، مع إدراكه لمخاطر كلّ من هذين السيناريوَين، وأيضاً لأيّ بديل منهما. من ضمن هذه المخاطر أن الجبهة مفتوحة على سيناريوات متعددة السقوف، ما يعني ضمناً أن حزب الله مستعد لمواجهة أيّ تصعيد إسرائيلي مهما كانت سقوفه وهو سيناريو يدرك العدو مخاطره وقيوده السياسية والميدانية.
في هذه النقطة بالذات، تفترق القيادة العسكرية الإسرائيلية عن المستوى السياسي الإسرائيلي. فمن جهة الجيش، أعرب اللواء برعام، عن أمله بـ«أن تأتي الحرب بعد فترة من الاستعداد من جانبنا… وبأن تراكم القدرات وجهوزية أعلى للعناصر والوسائل القتالية بعد فترة زمنية معينة سيصلان بالجيش الى نقطة جهوزية أعلى». وهي دعوة ضمنية (وربما تكون صريحة خلال جلسة الحكومة، لكنها لم تُنشَر اعلامياً) الى تهدئة الجبهات بدءاً من غزة لإعادة ترميم نفسه ورفع مستوى الجهوزية في ضوء نتائج الحرب والعبر التي استخلصها منها.
ومع أن برعام كرر أن الجيش سيلتزم بتوجيهات المستوى السياسي، وهو أمر يفرضه القانون الإسرائيلي، إلا أن ما فهمه الوزراء أيضاً خلال الجلسة، كما عبَّر بعضهم عن ذلك، أن «الخطة العسكرية» التي قدّمها برعام «تعتمد على ربط نصر الله بين الحرب في غزة واستمرار النيران في الشمال»، وهو أمر يتعارض مع الفرضية التي يتبنّاها آخرون بأن يكون الهدوء على جبهة غزة مقدمة لنقل قوات الجيش الى الحدود مع لبنان.
في مواجهة تقديرات الجيش للمخاطر والأولويات وترجمة ذلك في توصياته، يأتي موقف نتنياهو المعارض لما تقدم، بالتأكيد على عدم وجود احتمال باستمرار الوضع الحالي على الجبهة اللبنانية، وضرورة إعادة جميع سكان الشمال الى منازلهم بأمان. لكن في الوقت نفسه عدم القبول بمعادلة وقف الحرب في غزة كمدخل لتهدئة جبهة لبنان. يعني ذلك أن نتنياهو يحاول اجتراح خيار بديل لم يتم تناول معالمه التفصيلية، لكنه يقع بالإجمال بين عدم التسليم بالواقع الميداني القائم في الشمال، وبين عدم الذهاب الى الحرب حتى الآن. ولا يخفى أن ما بين الحدّين توجد سقوف ميدانية متعددة، تنطوي على درجات تصعيد متفاوتة ومحكومة بقيود وضوابط ناتجة من إدراك قيادة العدوّ لإرادة وقدرة ردّ حزب الله الذي يمكن أن يتدحرج الى مستويات غير مسبوقة بحسب طبيعة وحجم ونتائج الاعتداءات الإسرائيلية ونطاقها الجغرافي.
تكشف هذه المحطة المفصلية أن عدم نشوب حرب كبرى بين حزب الله وكيان العدوّ لم يكن أمراً مسلّماً به، خلال أكثر من 11 شهراً. وإنما كان بفعل المعادلات الحاكمة لحركة الميدان، والمتغيّرات الميدانية والسياسية التي كانت تؤثر على قرارات وخيارات الطرفين.
بالموازاة، لم يكن استمرار الحرب حتى الآن خياراً ابتدائياً لأيٍّ من الأطراف. وإنما هو نتيجة تعقيدات المشهدَين الميداني والسياسي وضيق الخيارات التي تبلورت أمام مؤسسة القرار في تل أبيب، بفعل عدم تحقيق الأهداف المنشودة حتى الآن ومخاوفها من تداعيات التسليم بالنتائج التي تحققت. لكن الذي ساهم في تعميق المعضلة أمام قيادة العدوّ أيضاً هو تداخل العوامل السياسية الداخلية والأيديولوجية والشخصية مع الظروف الموضوعية وضيق الخيارات ومخاطرها.
📰صحيفة البناء كتبت تقول: انقسم الإعلام العربي والعالمي يوم أمس، بين تعامل مع ما كشفته قناة الميادين نقلاً عن مصادر أمنية أوروبية موثوقة حول نتائج عملية الأربعين التي نفذها حزب الله يوم 25 آب واستهدف خلالها مقر الوحدة 8200 التي تشكل العقل الاستخباري لكيان الاحتلال وقاعدة عين شمير للدفاع الجوي. وبالمقابل من قرّر التعامل مع الرواية الهوليودية التي عمّمها الكيان ونشرتها الصحف الأميركية بتصديق من البنتاغون نقلاً عن القيادة الوسطى حول الغارات على مدينة مصياف والحديث عن عملية كوماندوس انتهت الى خطف ضباط إيرانيين، وهو ما قالت عنه قيادة الحرس الثوري الايراني إنه محض أكاذيب.
الضربة التي مثّلها ما كشفته “الميادين” جاءت على رأس الكيان بحجم ما كانت ضربة العملية نفسها التي بقي تكتم الكيان على تفاصيلها وإنكار إصابتها للأهداف وتسببها بخسائر أقل ما يُقال فيها إنها كارثية، وفيما واصل الكيان الصمت تجاه ما تمّ كشفه في تقرير الميادين رأت مصادر إعلامية في توقيت نشر الرواية الهوليودية عن غارات مصياف وتعامل الإعلام العربي المشغل أميركياً مع هذه الرواية دليلاً على حجم الارتباك الذي سببه الكشف عن نتائج عملية الأربعين للكيان ومحاولته للتشويش على انتشار الرواية برواية تحجبها عن التداول.
الاستعانة بواشنطن لتصديق الرواية الإسرائيلية ومسارعة صحيفة مثل نيويورك تايمز للإضاءة على الرواية الإسرائيلية عن عملية خارقة واستثنائية وتصديق قيادة الجيش الأميركي على صحة الرواية الإسرائيلية طرح أسئلة عن سبب الحاجة للتصديق الأميركي وهذا الاهتمام المفتعل إعلامياً بها. فإن كانت الرواية صحيحة يفترض أن إثباتها أسهل بإرفاقها بفيديو مصوّر لعملية الكوماندوس وصور لمن يفترض أنهم أسرى العملية.
الارتباك الإسرائيلي ظهر بقوة أكبر مع الإعلان عن استقالة قائد الوحدة 8200 التي استهدفها حزب الله، وهو إعلان يشوبه الكثير من علامات الاستفهام غداة استهداف الوحدة وإصابتها في الصميم، ما يطرح سؤالاً جوهرياً عما إذا كان قائد الوحدة بين القتلى وأن الحديث عن الاستقالة هو المخرج الوحيد لاستبداله دون إعلان مقتله، خاصة أنه إذا كان على قيد الحياة ولم يعُد في موقع مسؤولية أمنية فقد صار مجرد جنرال سابق يستطيع الظهور الإعلامي، ويفترض لقطع دابر التساؤلات أن يخرج أمام الإعلام ويحكي ما جرى في 25 آب.
وفيما لا يزال التصعيد العسكريّ سيد الموقف على طول الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة بين المقاومة في لبنان وقوات الاحتلال الإسرائيلي مع تسجيل سخونة لافتة خلال الأيام القليلة الماضية، بقيت التسريبات التي تتحدّث عن عدوان إسرائيلي محتمل يطال لبنان وسورية في دائرة الرصد والتدقيق بصحة هذا السيناريو ومواجهته إن حصل، لكن خطف إعلان إعلام العدو عن استقالة قائد الوحدة 8200 الاستخباريّة لدى العدو يوسي شارييل من منصبه على خلفيّة أحداث السابع من تشرين الأول 2023، في حدث وصفه الإعلام «الإسرائيلي» بالزلزال الذي ضرب الجيش.
وعلى خطى «شارييل» أعلن قائد الشرطة «الإسرائيلية» في الضفة الغربية، اللواء عوزي ليفي استقالته أمس، وبحسب صحيفة «يديعوت أحرنوت» فإن «شارييل» أبلغ رئيس أركان الجيش «الإسرائيلي» هرتسي هليفي وقائد جهاز «أمان» الجديد «شلومي بيندر» باستقالته.
وأشارت إلى أن قائد الوحدة 8200 يعتبر القائد الثاني من شعبة الاستخبارات «أمان» الذي يستقيل من منصبه، حيث استقال سابقًا رئيس «أمان» الضابط «أهرون حليفا» في نيسان الماضي على خلفية فشله في كشف عملية طوفان الأقصى.
وأشار خبراء ومحللون عسكريون لـ»البناء» الى أن «الاستقالة غير مرتبطة بالفشل في عملية طوفان الأقصى فحسب، بل بجملة إخفاقات استخبارية منها الفشل بالوصول الى مكان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار والمعلومات غير الدقيقة التي تحدثت عن اغتياله منذ أسابيع، وقبلها ادعاء الاستخبارات الإسرائيلية اغتيال قائد قوات القسام محمد الضيف، لكن السبب الرئيسي للاستقالة هو تمكّن حزب الله من استهداف مبنى الوحدة الاستخبارية 8200 وفشل هذه الوحدة بحماية نفسها، إضافة الى سلسلة إخفاقات تتعلق بالعجز عن اكتشاف الأنفاق في غزة ورفح وتحرير الأسرى أحياء، كما وعد رئيس الحكومة الاسرائيلية، وأيضاً التقدير الخاطئ لحجم وقدرة المقاومة في الضفة الغربية». ولفت الخبراء الى أن الاستقالة قد تكون دليلاً إضافياً على إصابة مبنى الوحدة 8200 وبالتالي بلوغ مسيّرات حزب الله الهدف المطلوب. وتساءل الخبراء: «إذا كانت الاستقالة كما يدّعي البعض مرتبطة بإخفاقات طوفان الأقصى فقط، فلماذا تأخرت الاستقالة لعام كامل؟ ولماذا أعقبت ردّ حزب الله على اغتيال القيادي فؤاد شكر بحوالي الأسبوعين؟».
الى ذلك استبعد الخبراء إقدام «إسرائيل» على «مغامرة توسيع الحرب على لبنان وسورية لتحقيق اختراقات جغرافية بين الجنوب والبقاع وبين سورية والبقاع، موضحين أن الحديث عن هذا السيناريو شيء وتطبيقه عملياً على أرض الواقع شيء آخر، لكونه اختُبر في حرب تموز 2006 ولم تستطع قوات الاحتلال البقاء في القرى الحدوديّة لأيام بسبب تصدي المقاومة و»مجازر» الدبابات في وادي الحجير وغيرها، كما أن المجموعات المناهضة للمقاومة في لبنان وسورية لا تملك الإمكانات اللازمة لملاقاة القوات الإسرائيلية ميدانياً». ورجح الخبراء «احتمال شن «إسرائيل» ضربات جوية عنيفة على أهداف تقول إنها مراكز عسكرية ومنصات صواريخ لحزب الله في البقاع ومراكز عسكرية إيرانية في سورية وطرق إمداد ونقل للسلاح والصواريخ لحزب الله من سورية والبقاع الى الجنوب».
وفي سياق ذلك يشير مختصون بالشأن الإسرائيلي لـ»البناء» الى أن حكومة نتنياهو تريد تسجيل انتصارات عسكرية ولو وهمية لصرفها في المفاوضات وإيهام المستوطنين بأن الحكومة تعمل بالقوة العسكرية لاستعادة الأمن في الشمال لإعادة المستوطنين المهجرين منذ عام الى مستوطناتهم، حيث إن نتنياهو يتعرض لضغط كبير من سكان الشمال بعد عجزه عن تحقيق وعده لهم بإعادتهم الى مستوطناتهم قبل بدء موسم المدارس، كما يتعرض من جهة أخرى لضغط أصوات عدة من داخل حكومته تدعو لاستخدام القوة العسكرية لتغيير الواقع في الشمال، وإضافة الى مزايدات المعارضة في هذا الإطار»، لذلك ستصعّد «إسرائيل» وفق الخبراء ضرباتها ضد الجنوب والبقاع والداخل السوري للإيحاء للمستوطنين بأنها تعمل على وقف خط إمداد حزب الله الذي يصبّ في هدف إبعاد خطر الحزب عن الشمال تمهيداً لاستعادة المستوطنين، مع تجنب خيار الحرب الشاملة لأنها ستتحوّل حرباً على جبهات عدة فوق طاقة «إسرائيل» في ظل رفض الولايات المتحدة الأميركية خيار توسيع الحرب على لبنان خوفاً من الانزلاق الى حرب شاملة مع تسجيل سحب البوارج والمدمرات الأميركية من البحر المتوسط وفق الإعلام الأميركي، بالتوازي مع مساعٍ دبلوماسية أميركية للتوصل الى اتفاق على الحدود الجنوبية بين إسرائيل وحزب الله يحتوي التصعيد.
وفي سياق ذلك، ذكرت «القناة 12» الإسرائيلية أن «المبعوث الأميركي إلى لبنان أموس هوكشتاين يصل برسالة أميركية إلى «إسرائيل» بالامتناع عن عمل عسكري واسع بلبنان». أضافت القناة أن «الجميع يدرك في الولايات المتحدة و»إسرائيل» أنّ حرباً مع حزب الله يمكن أن تؤدي إلى حرب متعددة الساحات. وأكدت أن هوكشتاين سيبذل جهداً إضافياً للوصول إلى تسوية في الشمال والمشكلة هي أن تسوية كهذه مرتبطة أيضاً بوقف النار في غزة».