الدور الأمريكي في سوريا ما بعد سقوط الأسد
سقط الأسد في فجر الثامن من ديسمبر الجاري وسقطت معه حقبة طويلة من الظلم والقسوة وإراقة الدماء تجاه الشعب السوري، وتنفست سوريا الصعداء بشراً وحجراً وتراباً. والآن تتجه أنظار السوريين مع حكومتهم الإنتقالية المشكلة حديثاً نحو التنمية وإعادة الإعمار والاستقرار.
إلا أن تطلعات السوريين لا تزال تواجه عقبات لابد من مواجهتها من قبل الحكومة الحالية وفصائلها المسلحة، كمشكلة الأكراد وتحرير المناطق التي يسيطرون عليها وأسس بناء العلاقات مع الدول الفاعلة في الملف السوري.
فالمواجهات في الشمال الشرقي السوري لا تزال مستمرة بين قوات سوريا الديموقراطية “قسد” وهي ميليشيات كردية، وقوات المعارضة المسماة بإدارة العمليات العسكرية. حيث انسحبت قسد من منبج، شمال شرق مدينة حلب، بعد معارك ضارية، لصالح إدارة العمليات العسكرية. كما سيطرت الأخيرة على كامل مدينة دير الزور، لترتسم صورة جديدة على خارطة السيطرة في البلاد.
وفي السياق، أوضح مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن، أن قسد عادت إلى القرى الـ7 شرق الفرات، قرب حقل كونيكو للغاز الذي كانت تسيطر عليه الميليشيات الإيرانية. وأشار إلى أن قسد باتت تسيطر الآن على 20 بالمئة من
الأراضي السورية، فيما أصبحت إدارة العمليات تسيطر على 70% من الأراضي السورية.
وتستمد قسد دعمها من الولايات المتحدة الأمريكية تحت غطاء التحالف الدولي في سوريا لمكافحة الإرهاب. حيث ترجع العلاقة بينهما إلى 8 أعوام، شهدت فيها استقراراً نسبياً.
في المقابل، سمحت قسد لواشنطن بإقامة 28 موقعاً أمريكياً منها 24 قاعدة عسكرية، و4 نقاط تواجد، وبحسب المعلومات فإن هذه القواعد تضم أكثر من ألفي جندي أمريكي، ومتواجدة في محافظتي الحسكة ودير الزور. كما أن توزع القواعد الأمريكية جعلها أشبه بالطوق الذي يُحيط بمنابع النفط والغاز السوري المتواجد شرق نهر الفرات، وهو ما يُمثل غالبية الثروة الباطنية لسوريا.
وسبق وأن أفادت مصادر محلية بأن قوات التحالف الأمريكي بالتعاون مع قسد تُخرج يومياً ما يقارب من 40 صهريجاً محملاً بالنفط السوري المسروق من حقول النفط المنتشرة في منطقة الجزيرة السورية، إلى قواعدها في العراق، وذلك عبر معبري المحمودية والوليد.
لذلك، وبنظر الخبراء في الشأن السوري، فإن التدخل الأمريكي على شكله الحالي في سوريا لا يصب في مصلحة الحكومة الإنتقالية وقيادتها العسكرية. ناهيك عن تصنيف واشنطن لهيئة تحرير الشام ورئيسها أحمد الشرع الملقب بالجولاني الى الآن في قوائم الإرهاب رغم الإنجازات التي حققتها الهيئة والفصائل المنضوية تحت إدارة العمليات العسكرية للسوريين، في دحرهم لنظام الأسد الدموي.
كما أن التصريحات الأمريكية الأخيرة التي أكدت على إبقاء وجود واشنطن العسكري في سوريا وإبقاء العقوبات المفروضة عليها رغم إسقاط النظام بحجة محاربة تنظيم داعش، تدل على عدم مصداقية واشنطن في نيتها دعم سوريا في إستقرارها وطريقها نحو التنمية والإستقرار.
وحذر الخبراء بأن القادم مثير للقلق بالنسبة للقيادة السياسية في سوريا في ظل فوز دونالد ترامب وتعيينه لليميني سيباستيان غوركا كنائب مساعد الرئيس وكبير مديري مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، نظراً لمنظوره المتشدد تجاه الإسلام. خصوصاً وأن التغيير في سوريا أوصل بالتيار الإسلامي المعتدل والمؤمن بالتعددية.
وتوقع الخبراء بأن القيادة الحالية في دمشق قد أخذت بعين الإعتبار المصالح الأمريكية والتركية والروسية وربما الإيرانية في سوريا وستحاول إعادة خلق التوازن بين هذه القوى، خصوصاً بين الأمريكيين والروس والأتراك عبر عقد إتفاقيات معهم والإبقاء على بعض القواعد العسكرية بشروط وضمانات تحقيق الوحدة الوطنية وإرساء السيادة على كامل الأراضي السورية.
كما شدد الخبراء على أن المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة أمام السوريين لبناء دولة جديدة تحقق تطلعات الشعب بكل أطيافه متضمناً الأكراد الذين لا يزالون يقاومون التحرير الى اليوم بناء على أفكار مغلوطة وتوجيه أمريكي. منوهين الى أن الولايات المتحدة الأمريكية لها تاريخ طويل بالتخلي عن حلفائها، ولا ينبغي الإعتماد عليها بشكل كامل.
The post الدور الأمريكي في سوريا ما بعد سقوط الأسد appeared first on LebanonFiles.