
سجى شبانة
صحفية حرة وكاتبة تعمل في عدة مواقع إلكترونية في الوطن العربي. تحمل شهادة بكالوريوس في تكنولوجيا الإعلام من جامعة العروب، بالإضافة إلى شهادة في برنامج “البناء المنهجي عن بُعد” من جمهورية مصر العربية.
مخرجة فيلم “وتين قلبي”، ولديها شغف كبير بمجال صناعة الأفلام والمحتوى المرئي.
حاصلة على العديد من الدورات المتخصصة في الصحافة والإعلام الرقمي من مؤسسات مرموقة، من بينها معهد الجزيرة للإعلام – أونلاين.
متطوعة نشطة في الهلال الأحمر الفلسطيني، وتؤمن بأهمية الإعلام الإنساني ودوره في تسليط الضوء على القضايا المجتمعية.
تجمع بين المهارات الصحفية والقدرة على إنتاج محتوى إعلامي متنوع يخدم قضايا مجتمعية وثقافية هادفة
وسط خيام النزوح، حيث يختلط غبار الأرض بأنفاس الأمل، وُلدت قصص لن تُسكتها الحرب. في احتفالية مفعمة بالفخر والتحدي، احتضنت مبادرة “شهود على الحياة”، التي نفذتها جمعية الإنسان التنموية بالتعاون مع شبكة المنظمات الأهلية، تخريج دفعة من صانعي الأفلام الشباب الذين تحدوا المستحيل. ثلاثة أفلام قصيرة، “الرغيف”، “حروف”، و”السماء لنا”، أضاءت سماء الاحتفالية، التي أقيمت اليوم [23 يونيو 2025]، كنجوم تنبض بحياة شعب يرفض أن يُطفأ نوره.
من رماد التحدي إلى نور العدسة
“شهود على الحياة” ليست مجرد مبادرة، بل هي صرخة إبداع في وجه الظلم. جمعت عشرين قلبًا نابضًا بالشغف، من خريجين وإعلاميين وهواة سينما، ليخوضوا رحلة تدريبية مكثفة استمرت 50 ساعة. في هذه الساعات، تعلموا كيف تحول الأفكار إلى أفلام، من كتابة السيناريو وتطوير الفكرة، إلى التصوير، المونتاج، الإخراج، التمثيل، واختيار الشخصيات. تحت إشراف المخرجين السينمائيين سعود مهنا ويوسف خطاب، صيغت القصص بأيدي الشباب أنفسهم، الذين حملوا عدساتهم كأسلحة من نور..
لكن الطريق كان شاقًا، كأن الأرض نفسها تختبر عزيمتهم. بين خيام النزوح، حيث ينقطع الإنترنت وتتلاشى الكهرباء، وحيث تُعيق المواصلات كل خطوة، عمل المشاركون تحت وطأة الخوف من قصف طائرات الاحتلال. كل كادر صُور، وكل مشهد أُخرج، كان انتصارًا على اليأس. لم يكن إنتاج الأفلام مجرد عمل فني، بل كان فعل مقاومة، وشهادة حية على أن الحياة تستحق أن تُروى.
احتفالية التخرج: لحظة تخطف الأنفاس
في يوم الاحتفالية، تجمع الحضور، من عشاق الفن وأهل الإعلام، ليشهدوا لحظة تاريخية.
ثلاثة أفلام قصيرة عُرضت كلوحات فنية تحكي قصص الحياة بكل ألوانها. “الرغيف”، الذي يحمل عبق الكفاح اليومي ودفء الأمل البسيط. “حروف”، التي نسجت من الكلمات خيوطًا من التحدي والحرية. و”السماء لنا”، التي رفعت أبصار الجميع نحو أفق لا حدود له. كل فيلم كان بمثابة مرآة تعكس روح شعب يصنع الجمال من أنقاض الألم..
لم تكتفِ الاحتفالية بعرض الأفلام، بل كانت مسرحًا لتكريم العزيمة.
سُلمت الشهادات للخريجين وسط تصفيق الحضور، في لحظة خلّدت جهدهم وصمودهم. كما فتح الحفل أبواب الحوار بين الشباب وصناع السينما، حيث تبادل الجميع أحلامًا وأفكارًا عن كيفية تحويل العدسة إلى صوت يصل العالم.
سينما المقاومة: صوت لا يُسكت
شهود على الحياة ” ليست مجرد دورة تدريبية، بل هي ثورة فنية. في زمن الحرب، حيث
” يُحاصر الناس بالخوف والنقص، جاءت هذه المبادرة لتقول إن الفن هو سلاح الروح. الأفلام الثلاثة التي أنتجها الخريجون ليست مجرد قصص، بل هي وثائق حية تحمل أصوات من يعيشون تحت النار، وتكتب تاريخ شعب يرفض النسيان.
من خلال عدساتهم، أصبح الخريجون شهودًا على الحياة، حاملين رسالة الصمود إلى كل من يشاهد أفلامهم.
تعاون جمعية الإنسان التنموية مع شبكة المنظمات الأهلية يجسد رؤية إنسانية عميقة، ترى في الفن والثقافة أدوات لبناء المستقبل. هذه المبادرة لم تمنح الشباب مهارات فنية فحسب، بل زرعت فيهم إيمانًا بقدرتهم على تغيير العالم، مشهدًا تلو الآخر.
نحو سماء السينما اللامحدودة
تخريج هذه الدفعة من “شهود على الحياة” ليس نهاية الرحلة، بل بداية حلم أكبر. بإشراف المخرجين سعود مهنا ويوسف خطاب، أثبت العشرون خريجًا أن السينما ليست رفاهية، بل ضرورة لشعب يواجه الموت بالحياة. أفلامهم، التي صيغت بين الخوف والأمل، هي بذور سينما عربية جديدة، ستنمو لتحكي قصصنا بكل صدق وجرأة.
أهمية المبادرة: صوت الحياة في زمن الصمت
تكمن أهمية مبادرة “شهود على الحياة” في كونها ليست مجرد برنامج تدريبي، بل منصة للتعبير عن الواقع الإنساني في ظل الحرب والنزوح.
من خلال الأفلام الثلاثة، استطاع المشاركون أن يكونوا شهودًا حقيقيين على الحياة، موثقين قصص الصمود والأمل بأسلوب فني مؤثر.
المبادرة لم تقدم فقط مهارات تقنية، بل منحت الشباب فرصة ليروا أنفسهم كجزء من حكاية أكبر، حيث يمكن للفن أن يكون أداة للتغيير والمقاومة.
في سياق يعاني من نقص الموارد وتدهور الأوضاع، تأتي هذه المبادرة كمثال ملهم على قدرة المجتمعات على خلق الجمال والإبداع حتى في أحلك الظروف. تعاون جمعية الإنسان التنموية مع شبكة المنظمات الأهلية يعكس التزامًا بتعزيز الثقافة والفن كجزء لا يتجزأ من بناء المستقبل.
مستقبل مشرق رغم التحديات”“
تخريج هذه الدفعة من مبادرة “شهود على الحياة” ليس مجرد إنجاز أكاديمي، بل شهادة على قوة الإرادة البشرية. الأفلام الثلاثة التي أنتجها الخريجون ليست مجرد أعمال فنية، بل وثائق حية تحكي قصص شعب يرفض أن يُسكته الخوف أو الحرب.
أثبت الخريجون أن لديهم القدرة على أن يكونوا صوتًا للحياة، حاملين رسالة الأمل والصمود إلى العالم.
في الختام””“”
تبقى “شهود على الحياة” منارة إبداع في ظلام الحرب. كل كادر صُور، وكل شهادة سُلمت، هي إعلان عن انتصار الروح البشرية. مع استمرار مثل هذه المبادرات، ستظل عدسات الشباب ترسم سماءً لا يحدها سوى خيالهم، معلنة للعالم: نحن هنا، وسنظل شهودًا على الحياة.




