بين السيادة والدور الوظيفي: قاعدة “العديد” في مرمى التساؤلات
بقلم الإعلامي خضر رسلان

في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، وتواصل العمليات العسكرية اليومية على الجبهة اللبنانية – من قصف، واغتيالات، واستهدافات ممنهجة – تتعاظم التساؤلات حول الدور الفعلي لبعض القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، وفي مقدّمتها قاعدة “العديد” الجوية في قطر، التي باتت تُستخدم عمليًا كمنصة دعم وإمداد مباشر للترسانة العسكرية الإسرائيلية.
فقد كشفت تقارير أميركية وغربية متقاطعة أن جزءًا كبيرًا من الذخائر، وخصوصًا القنابل الموجّهة والثقيلة، يُنقل من مخازن القواعد الأميركية في المنطقة إلى إسرائيل، ضمن جسرٍ جوي نشط. وتُعدّ قاعدة “العديد” إحدى أبرز نقاط هذا الدعم، بحكم موقعها وتجهيزاتها، وارتباطها المباشر بمنظومة القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط.
وهنا يبرز السؤال الصعب:
هل تملك الدوحة فعليًا سيادة كاملة على هذه القاعدة، أم أن ما يُدار داخلها يتجاوز الإرادة القطرية؟
وإذا كانت إيران أو قوى المقاومة في المنطقة ترى أن هذه القاعدة تُستخدم عمليًا في العدوان القائم والمستمر على شعوبنا في لبنان وفلسطين، فهل يحق لقطر أن تتحدث عن “انتهاك لسيادتها” في حال تعرّضت هذه المنشأة لردّ ما؟
المشكلة ليست في وجود القاعدة بحدّ ذاته، بل في استخدامها النشط – وبصمت الدولة المضيفة – في دعم طرفٍ يقوم بعمليات عسكرية واسعة النطاق ضد مدنيين عزّل، ويهدّد استقرار دول الجوار. فالسيادة، إن لم تقترن بإرادة حقيقية لضبط استخدام الأرض الوطنية، تصبح حجة شكلية لا تصمد أمام الوقائع.
قطر، التي تحرص على تقديم نفسها كوسيط إقليمي وداعم للشعب الفلسطيني، مطالَبة اليوم بموقف واضح تجاه الدور الذي تؤديه قاعدة “العديد”. لأن السكوت عن وظيفتها الحالية، مع التلويح بالسيادة عند كل تهديد أو ردّ محتمل، يضعها في موقع لا مصلحة لها فيه: موقع الشريك غير المُعلَن في تغذية العدوان على غزة وجنوب لبنان.
وإذا كان لا مفرّ من بقاء القاعدة في هذا الظرف الدولي المعقّد، فإن الحد الأدنى المطلوب سياسيًا وأخلاقيًا، هو إعلان موقف واضح من طبيعة استخدامها، ورفض أن تكون قطر مجرد أرض عبور للأسلحة والذخائر التي تُسفك بها دماء الأطفال في غزة، أو تُدمَّر بها قرى الجنوب اللبناني.